أن تشرب وحدك وقصائد أخرى لـ أدريان سوسيو (Adrian Suciu)، تترجمها الشاعرة السورية شروق حمّود.
أدريان سوسيو شاعر روماني، عضو في اتحاد الملحنين الموسيقيين للصم، رئيس تحرير قناة Observatoural التلفزيونية، محرر في تلفزيون أوريزون، وعضو اتحاد الصحفيين المحترفين في رومانيا.
يصف الشاعر الروماني نفسه بأنه متشردٌ ثقافي، متشردٌ في الروح ، مشاغبٌ أدبي مندهش جدًا من امتلاك سيرة ذاتية لدرجة أنه نسيها. لقد كتب أشياء كثيرة جدًا على شخص يحلم بكتابة الصمت.
أن تشرب وحدك وقصائد أخرى لـ أدريان سوسيو من مجموعته الشعرية: المرج (Poiein) وهي مجموعة ثنائية اللغة بالرومانية والانجليزية صدرت عام ٢٠١٨ عن دار Poezia vie في رومانيا. تترجم شروق حمود مختارات من القصائد عن اللغة الانجليزية:
***
أن تشرب وحدك
لا أحد يعلم كيف هو شعور الشرب وحيداً
أن تمنح اسماً للبراندي التي تحتسيها.
كثرٌ جلسوا على الطاولة القاتمة
لكن
عن ماذا ستتحدث مع أحد لا يعرف اسم البراندي التي تشربها؟
لا أحد يعلم كيف هو شعور أن تشرب وحيداً جداً
أن تمنحَ اسماً لدمك.
فهو الوحيد الذي يمنحك رفقته
حتى يومٍ ما.
لا أحد يعلم كيف هو شعور أن تشرب وحيداً جداً
أن تعطي لعزلتك اسماً.
أنت؛ أنت تمنح تلك المرأة المغبرّة الدامعة مشواراً في المدينة!
سيريحها أحدٌ بالتأكيد
لا أحد يعلم كيف هو شعور أن تشرب وحيداً جداً
أن لا ترغبَ حتى وحدتك
في البقاء جالسةً معك
على الطاولة….
***
رئات
كلّ شيءٍ متعلقٌ بالتنفس
متعلقٌ بكيفية الاستنشاق
هنالك عدة أنواع للهواء
أحيانآ ،مثل رصاصةٍ، يكون الهواءْ
وأحيانَ أخرى مثل جائزة يانصيب كبرى
ربحها رجلٌ يحتضر.
هنالك أنواعٌ من التنفس
أكثر من تلك التي باستطاعة الأطباء إحصاؤها.
بنفسٍ واحد تمشّط الحياة الضئيلة
كما لو كنت تمشط شعر حسناء ميتة.
بنفسٍ واحد يستحي البرد ويستلقي على السرير
بنفسٍ واحد تدرك أن الوقت قطارٌ بعدّة عربات تحمل الصفاء إلى اللامكان.
من الرئات نأتي
وإليها
علينا الرجوع.
***
الصديق الذي سيخون
يجلس معك على الطاولة ويشرب النبيذ بشفتيك.
يلاطف امرأتك بذراعيك.
ينظر إلى أطفالك بعينيك
يرافقك في رحلاتك
عبر الجو، بحرآ وعلى اليابسة.
يدلل نفسه بِحيرَتك
مثل حيٍّ يجرّبُ كفناً
يخبرك أن لا شيء يستحق أن تستيقظ لأجله
سوى الصلاة.
يعلّمك أن المنطق حديقة حيوانات الواقع
وأنه عليك ألا تغادر العالم وهو على ذات الحال الذي وجدته عليه.
حتى القواعد اللغوية تتفق معه:
إن تحدثتَ مع الله كما تتحدث مع أمي
فستظل أجمل قصة مفقودة.
الموت صديقٌ جيد
لكنه يومآ ما
سوف يخون.
***
أشياء وحيدة
لا يمكن إلا أن تكون قد أتيت من بلدةٍ جميلة
من شارع بين نِسْيانَين.
هناك، حيث بإمكان المرء أن يسمع مصانع الظل اللانهائية
وهي تعبئ أشياء وحيدة.
نتحدث عنها
كما لو أننا نبذرُ الرمل في الصحراء.
نحن، الأرملة الأكثر وفاء
واليتيم الأكثر سعادة.
نتحدث إلى الصمت في منازلَ بلا مسالك،
حين لا تشرق الشمس
ويتابع القمر رحلة انتظاره.
السماء أظلمتها الكلمات
يسيلُ مجرى نهر الدم
ويداك جدّ نظيفتان
بإمكانك غسل الماء ذاته
بهما.
***
عن التلاشي
من عمقِ منزله
حيث الشموع التي منها
يهبط النور نحو العالم
كلما يحلو لها،
يكتشف النبي الشعبي
أن كلّ زهرة تذوي بطريقتها الخاصة:
فبعضها يلزمه الوقت
والبعض يحتاج هواءً
والبعض الآخر يحتاج إلى الدفء.
لقد درس التلاشي بكلّ أشكاله ومراحله
واستخلص استنتاجات لم يترك أثراً مكتوباً منها.
“استمتع بالوردة قبل أن تذوي”
هذا كلّ ما دوّنه…
***
دمية الخِرَق
لا أحد جيدٌ في الحبّ والموت
والدليل هو أن أوهامَ الإنسان عن الحب
مطابقةٌ لأوهامه عن الموت.
نقضي كل حياتنا ونحن نمشط دمية الخِرَق
متوقعين منها أن تنادي: أمي!
ما تقوله لا يفهمه غيرك
في أيامك الجيدة أو غيرها.
لكنْ مِن أحبابك و من موتاك
لا يتبقى سوى القطط المهجورة
والطوب التي تريد أن تصير نوافذاً.
تبقى فقط موهبتك الواضحة
في مقبرة الأبطال المجهولين.
أحضر دمية الخرق معك إلى الخارج
وفقط نادها: أمي!
***
قصيدة رومانسية
حبي تمثالٌ بديع قابعٌ في أكثر الأماكن المخفية في المتنزهات،
كلبٌ أسود في الظلام.
حب الدماء صغيرٌ وميت
والحيُّ منه مصنوع من العظام والأظافر والأسنان.
لم يكن هناك سواك.
لم يكن هناك أي أحد آخر وهذا لن يكون جيدآ.
وملاطفة هذا الآخر صحراءُ متهالكة.
حقلُ بطيخ حزين، ساق نباتٍ بلا ثمر.
ما من أحد سواك
جنيّة غير مرئية
في أكثر بستانٍ عفا عليه الزمن
لونٌ غير معروف
تحت فرشاة رسام
كل من يريد أن يعرف بعودتنا للوطن
ونهايتنا الجيدة
سيجدها في أيقونة سرية
في أكثر ما لدى الناسك من رقة.

شروق حمود: شاعرة ومترجمة سورية مقيمة في السويد، ترجمت ثمانية عشر كتاباً معظمها دواوين شعرية، منها: كتاب لحظات وكتاب ليست قصيدتي للبولندية أليكسيا ماريا كوبيرسكا، كتاب الوجود والعدم للشاعر التايواني كوي شيان لي، كتاب ألوان حياتي السبعة للشاعرة السويدية جوانا سفينسون.