إلى روح الشاعر محمد عفيف الحسيني
لذاك الذي كَحَلَ عيون الفراغ، جاراً عُزلته إلى الشّعر برشاقةِ مدينةٍ صغيرة…
الشّاب الذي رَمَشَ لمنفاهُ شعراً
وتذّكر خِصر الحدود.
ساهياً عن ألغامِه وعاموداه.
ساهياً عن نَوْلِ الحياة.
ليحلّق في ذوبانِ منفاه لغةً.
…
نقيٌّ أنت ..
وضّاءٌ في موتك
نقيٌّ .. وضّاءٌ
وأنت تنقر مفاتيح
الكرد
السّريان
الأرمن
الكلدان ….
تُمسكُ بالماء يفور الانتظار.
…
الجُلَّنار الَّذي تَسَاقَطَ من حولِك،
فيهِ دمُ المنفي..
الشّعرُ يَهِبُ الجُلَّنار روحه
تزورُ -كعادتك- بعفةٍ، أرواحَ من كانوا بُحَيرة.
تَتزيّنُ بهم، لهم، مع قطةٍ تلازم السّطر.
وتضعُ حبات العَقيق خاصتك وتغادر،
معك قميصُ يوسف الكُردي وشاله
تُخفيه عن نبيذ المنفى وذئابها.
…
النقوش خيولك للخيال
والعداؤون مثلي
سائسو السّطور في أثرك، يَنفخونَ أبواقَ الشّهوة،
والمهرّبون على ظهورِ الحدود يَرسمونَ
مروركَ القديم،
وحدود المنافي بريشةٍ من ألغام
بموتٍ أو بدونه.
…
عامودا -غافيةٌ الآن-
يُدّقُ الناقوس
عادَ بخور الشّعر هذا الصباح، عادت الرّوحُ لسطرِها الأَزَلي.
…
الصّرخاتُ رُسلُ الأصواتِ الناحبة
هكذا يُسائلني نقارُ الجرسِ، حينَ يفتحُ كوّة الموت.
يهمسُ في أذني: نسيتُ أن أملأ جوف المدينة بِسمّاق الأمل!… نسيت
..
لم تكن ميتاً
تستلقي كسطرٍ هرم
مُحمّلا برطوبة الماء.
يدك تشدّ خصلة من شعر الحدود.
…
نقيٌّ وضّاءٌ أنت
في موتك..
كمانُ الوقت على غيرِ العادة يعزفُ هروبَ العَدم.
ديرك: ٢٤/٨/٢٠٢٢م
محمد عفيف الحسيني (1957-2022) | fb.com/hajalnama
توقف قلب الشاعر “محمد عفيف الحسيني” فجر اليوم الأربعاء ٢٤/٨/٢٠٢٢م في مدينة فاكشتا بمملكة السويد اثر جلطة قلبية.
من أعماله المطبوعة:
1-قليلا من رثاء/بقية من مجزرة بالاشتراك مع أحمد الحسيني بالكردية السويد ١٩٩٠ م
٢- بحيرة من يديك صدرت في فرنسا والأردن ١٩٩٣
٣- الرجال ، السويد ١٩٩٥
٤- جهة الأربعاء/شطحات روائية ، الأردن ١٩٩٧
٤-مجاز غوتنبرغ، سوريا ١٩٩٩
٥- نديم الوعول، دار المدى ٢٠٠٦
٦-كولسن، دار الزمان دمشق ٢٠١٨
وفي العام ٢٠٢٠ نشر كتابه السردي”بهارات هندو-أوروبية”والذي نثر فيه سيرته الذاتية من عامودا للسويد، كما صدرت أعماله الشعرية الكاملة مطلع هذا الشهر، عن دار “هُنّ”، تحت عنوان”تحدّث معي قليلاً أيها الغريب”.
محمود عبدو عبدو: كاتب سوري | qannaass.com