منعطفات عديدة وبراهين مضيئة جعلت من المسار الإبداعي للشاعر العربي وديع سعادة، مؤثّراً، وفاعلا وحاسماً.. بل في نظرته المتفرّدة للأشياء والوقائع والتّفاصيل الصّغيرة وانعطافات الذّات والعالم، كان أكثرنا عمقاً وإسهاماً فعّالا وهو يحفر في الجذور البعيدة لمشروعه الشّعري الحامل لأدلّته وبراهينه وقيمته الجمالية والفنيّة.
لم يكن وديع سعادة الشاعر البسيط والسّاطع بقلبه المفتوح على الشّرفات وعلى طرقات الحياة وقدرته الخارقة على اجتذاب الخيال، إلا واحداً من الذين أسّسوا لقصيدة عربيّة مغايرة، مفتوحة على المستقبل باستمرار، تتقاطع فيها وتتصارع جملة من التجارب والمعارف والخبرات.. وتسعى في أن تجعل من المعنى والمبنى سياقاً إبداعياً يتخطّى كلّ الحدود ويخترق كلّ الحواجز إلى حيث ممرّات الضّوء.
وديع سعادة الذي امتلك عزيمة استثنائية ومشى في الشّوارع الواسعة للدّهشة.. منذ أن عبَرَ بروحه العالية جسره الشّعري الأوّل “ليس للمساء إخوة” (1968) إلى “قل للعابر أن يعود، نسي هنا ظلّه” (2012)، وهو يعدّد بمراحله المختلفة أوصاف النّهر فيه، ويسعى إلى حمل الأثر الشّعري إلى مداه من خلال قصائد شديدة التّكثيف.. شديدة البيان.
في نافذته على “اليوتيوب“، يطلّ الشّاعر بمقاطع شعريّة في اتّساع الجبل وشموخه وبصوت أنيق ومفعم بالحيويّة.. تاركاً في كلّ قصيدة من قصائده التي مارست وجودها على مدى عقود، أثراً كبيراً منفتحاً على آفاق لا تحدّ.. وعلى لغة أنيقة المذاق تحمل في طياتها الالتزام بقضايا اليوميّ وجوهر الكائن ومعناه وعبق الأزمنة المليئة بالأحداث والتناقضات والمفارقات.. وها هي يد الشّاعر والطّفل الكبير والوديع، تبتسم باستمرار وهي تسقي زهرة الحياة هو من كتب:
“مشى خطوتين ولمسَ
نبتةً زرعها البارحة
خرج نسْغٌ من يديه إلى عروقِها
خرجتْ من عينيه أوراقٌ إلى غصونها
وحينَ أرادَ العودة
لم يبْرحْ مكانهُ،
كانت قدماهُ تحوّلتا
جذوراً”.
*عبد الجواد الخنيفي: كاتب من المغرب
الشِعر في العراء | د. هدى فخر الدين
وديع سعادة أو «كان ما يمكن» | احساين بنزبير
وديع سعادة في «أعماله الكاملة».. الشعر يُصادِق الحياة | شريف الشافعي
إيروسية الصمت عند وديع سعادة | ممدوح رزق
وديع سعادة.. الشاعر المعبّر عن الحزن | عزيز العرباوي
وديع سعادة والتآخي مع الطبيعة | د. علياء الداية
خاص قنّاص – ملفات