أخبار ثقافية

فرنسا تحتفل بمرور 400 سنة على ولادة موليير

الصورة: تمثال موليير؛ قصر فرساي

بقلم: علي سفر

 

رغم الإجراءات المفروضة على الفعاليات الثقافية بشكل عام، لن يفوّت الفرنسيون ذكرى مرور 400 سنة على ولادة المسرحي الأشهر موليير، دون أن يجعلوا منها فرصة للعودة إلى الزخم الثقافي المعتاد، والذي تراجع كثيراً بسبب ظروف الجائحة العالمية.

جدول الفعاليات التي بدأت منذ 15 كانون الثاني، والتي ستستمر لعام كامل، بدأ من المكان الذي يطلق عليه عادة اسم “بيت موليير” أي مسرح الكوميدي “فرانسيز” في باريس، حيث يتم الاحتفال عبر إبراز تمثال موليير في المكان، ويقوم كل ممثل بقراءة سطر واحد من أحد أعماله، وبشكل استثنائي، سيقوم المسرح هذه السنة بتقديم ريبرتوراً خاصاً، ينتهي في تموز القادم، يعرض على التوالي مسرحيات “طرطوف” و”البخيل” و”البرجوازي النبيل” و”المريض بالوهم”، وإمعاناً في النبرة الاحتفالية، سيتم إيصال هذه العروض إلى عدد كبير من الفرنسيين، الذين تسمى لغتهم بلغة موليير، من خلال بثّ العروض مباشرة من مسرح ريشيليو في مبنى الكوميدي فرانسيز إلى 200 دار سينما في جميع أنحاء فرنسا.

غير أن أهم تفصيل في سياق احتفالات هذا المسرح الذي ولد بعد سبع سنوات من رحيل موليير، هو أنه سيقدم للمرة الأولى النسخة الأصلية من مسرحية طرطوف، والتي تمت استعادتها بفضل جهود الباحث الأكاديمي جورج فوريستييه. بإخراج البلجيكي ايفو فان هوف.

وبالتوازي مع الاحتفال المسرحي المحلي، ستقوم عدة مسارح في بلجيكا وسويسرا، ودول أخرى مثل الولايات المتحدة الأمريكية (مدينة كنساس سيتي) بتقديم عروض مسرحية لأعمال موليير.

وفي وجه آخر للتكريم افتتح في قصر فرساي معرض يستمر حتى منتصف شهر نيسان المقبل بعنوان “موليير، صناعة المجد الوطني”، والذي يحتوي كماً كبيراً من التفاصيل الخاصة بأعماله المسرحية، حيث تستحضر عناصر دقيقة من سيرته وعلاقته بلويس الرابع عشر، وكذلك ما صنعه الآخرون بإبداعاته، وكيف تأثروا بها وأعادوا انتاجها، إن كان على الصعيد المحلي أو عبر الحدود، ففي القسم الأول تحضر الأعمال التي قدمها المسرحي جان فيلار، وتلك التي قدمتها المسرحية أريان مينوشكين في مسرح “الشمس” وغيرهما. وفي القسم الثاني هناك بحث في تلقي موليير في جهات الأرض الأربع، مع وجود وثائق عن الأعمال المسرحية الأولى في البلدان الأخرى (المغرب مثالاً).

تمثال موليير في مسرح الكوميدي فرانسيز

أما متحف الأوبرا فسوف يستضيف معرض “موليير في الموسيقا” من 27 أيلول 2022 إلى 15 كانون الثاني 2023، يعرض فيه قطعاً من مجموعات المكتبة الوطنية الفرنسية وأوبرا باريس والكوميدي فرانسيز، يستكشف من خلالها أهمية الموسيقا في أعمال موليير، والتأثيرات التي مارسها على الملحنين والإبداع المعاصر.

وبدوره، سيقيم المركز الوطني للأزياء المسرحية في مولين معرض “موليير للأزياء” في نهاية أيار المقبل وسيستمر حتى بداية شهر تشرين الثاني، والذي سيسترجع عدة عقود من الإبداع المسرحي من خلال 150 زياً ونماذج ثابتة، وصور وتسجيلات سمعية وبصرية.

كما سيُقام في الوقت ذاته معرض “موليير لعبة الصح والخطأ” في المكتبة الوطنية، والذي سيقدم مجموعة استثنائية من الأعمال الفنية، والقطع الأرشيفية، والإصدارات الأصلية، والأزياء، والصور الفوتوغرافية، ووثائق سمعية بصرية، من مجموعات المكتبة والمسرح.

وعلى الصعيد البحثي والأكاديمي فقد جرى الإعلان عن تخصيص العديد من المؤتمرات له في فرنسا وحول العالم، من السوربون في باريس إلى الجامعة الأمريكية في ييل، وتورينو.

وعلى صعيد الكتب، فقد تم نشر كتاب بعنوان “أطلس موليير” الذي يضم 150 خريطة ورسومات حاسوبية عن حياة موليير وعمله وأوقاته.

كما نشرت دار غاليمار أعماله الكاملة في مجلدين. بالإضافة إلى إصدار طبعة جديدة من كتاب “شباب موليير”، الذي يروي حكاية موليير منذ البداية وحتى النهاية. أما دار فلاماريون فتنشر بدورها نسخة جديدة من مسرحية “البرجوازي النبيل” معدلة، ومخصصة للشباب رسمها بيرانجي ديلابورتي.

الأعمال الكاملة؛ غاليمار

وعلى هامش هذه المجموعة المختصرة من قائمة الفعاليات والتي يمكن متابعته عبر المنصة الإلكترونية المخصصة للمناسبة، تبقى في الأوساط الفرنسية قضية ملحة تخص موليير، وهي المطالبات بنقل رفاته من حيث يرقد الآن (مقبرة سان جوزيف)، المخصصة للمنتحرين والأطفال غير المعمدين، إلى مقبرة العظماء في البانثيون، فبعد أن توجه الممثل فرانسيس هوستر بعريضة لقصر الإليزيه من أجل الموافقة، جاء القرار بالرفض المعلل في بيان رسمي بأن كل العظماء المدفونين في المكان ينتمون إلى مرحلة ما بعد الثورة الفرنسية، ليتحول الأمر إلى جزء من النقاش السياسي الخاص بالسباق إلى الرئاسة الفرنسية، حيث دافعت مرشحة يمين الوسط فاليري بيكرس عن الفكرة، حيث وصفت الكاتب المسرحي في القرن السابع عشر بأنه “أعظم عبقرية في المسرح الفرنسي” .

قبر موليير

خاص مجلة قنآص

المحرر المسؤول: زاهر السالمي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى