استدارة:
استدارة أي شيء، فعل خطيئة. كأن تقوَل: استدارتْ القصيدة،
على نفسها.
السهم، يستدير على ضحيته. عيدان القصب، تستدير على
الماء. نخل القرية، يستدير على النسيان. فراشات كثيرة،
تستدير على نهار وليلتين. الفتارين المضيئة، تستدير على
شغف الشوارع.
ضحكات طفل وطفلة، تستدير على وجد شفيف. فراغُ
كون -أو هكذا نراه- يستدير على فجيعة عظيمة.
فأي استدارة يكون قلبك يا لاعب النرد؟
ظِلّ البيت:
ظل البيت، الذي بنيته في صبراته، شاسع، كابتسامة اليوم
الأول من رمضان.
حوافه، ناعمةٌ لا التواء فيها. صدره، بارد حين تأخذ الشمس
في العودة إلى بيتها وراء مقهى الجرف.
ظل، تتفتح أزهاره السرية في الليل. يذوي، حين تتعالى
أصوات الغرقى.
يرتج حزًنا، كغابة تُركت للنسيان. يلعق الموج، أطرافه ويجمع
بيديه الخائفتين ما يركض، على الرمل من سلطعونات.
ظل يتيٌم أسمّيه الطوفان.
خرّوب:
كذلك البيوت الوحيدةُ، تخاف. تحضن نفسها، واقفةً،
تراقب ندف الثلج.
تمد أعناقها، إلى الفضاء الرمادي. تجمع ما تفتَّت، من
الصمت، في صندوق خشبي، تضع لوعاتها، أما خيباتها،
تتركها تركض في الشارع، عريانة
-هكذا تركض الخيبات-
كذلك البيوت الوحيدة، لا تنم. تغزل وحشتها، خيوطًا
طويلةً، تعلقها، على أغصان الشجرة القريبة، قُروَن َخروب.
من المجموعة الشعرية: كاليماخوس القوريني يعبر حقل الصبّار
عاشور الطويبي؛ شاعر ومترجم ليبي، يحمل شهادة الدكتوراه في طب الأمراض الباطنية. صدر له في الشعر: “قصائد الشرفة”، “أصدقاؤك مروا من هنا”، “موسيقى النهر”، “صندوق الضحكات القديمة”، “قصائد من أعلى الهضبة وظلال الرمل”، “في معرفة الكائنات والأشياء”. وفي السرد “رواية دردانين”. وفي التَّرْجَمَةً: “مختارات من الشعر العالمي”، “زلزلة السماء، سادة الهايكو”. صدر له عام 2011 كتاب يضم تَرْجَمَة لمختارات من قصائده بالإنجليزية عن دار بارلور برس، أميركا.