مرآة الضوءموسيقا

الرحباني الصغير.. زيادُ الثوري الحالمُ والعاشقُ الثائر | شيرين ماهر 

بدا لي نجمًا سينمائيًا ذا كاريزما طاغية وحس مُتّقد ونبرة صوت بالغة النفاذ. لا أعرف من أين أتى؟ وماذا يريد؟ وكيف يمكن لذلك الأثر الذي يتركه أن يزول؟

الرحبانيُّ الصغير.. زيادُ الثوريُّ الحالمُ والعاشقُ الثائر

زياد الرحباني.. موهبة استثنائية ترعرعت في وسط فني شديد الثراء؛ فهو الملحن والصحفي والكاتب والمؤلف المسرحي والعازف والسياسي. الشهرة كانت قدره، لكنه لم يعبأ بها، لتكن بساطته أحد أسراره العظيمة.. لطالما أطلت عفويته من شُرفة أحاديثه، لتأسر الجميع.. السخرية سلاحه الفتاك، الذي سحق به كافة التابوهات. أخفى حزنًا كبيرًا خلف وجه أصّر على التبسُم رغم ما آلت إليه الأوضاع، كالنازِف على شاطئ الأمنيات الأخيرة، لعلها تتحقق. لكنه فاجأ الجميع، حين انطفأت قناديله سهوًا وخَفُت صَخبه الرزين، فأحزن العالم بعد أن غادره (بلا ولا شي) سوى المَحبة الطاغية. وهو الرهان الصعب في تلك الحياة القاسية.

من كثرة ناعيه ومُحبيه، صِرت لا أتجرأ على الكتابة، ومحاولة المُزاحمة لوضع أكليل صغير من الورود على ضريح الرحباني المُتفرد.. فمنذ أن رحل «زياد الرحباني» تشبعتُ بالقراءة عنه وسماع حواراته ومداخلاته وألحانه وكأنني لم أكن أعرفه قط ولم أسمع به من قبل.. ربما اكتشفته توًا داخل فيلم سبعيني قديم.. بدا لي نجمًا سينمائيًا ذا كاريزما طاغية وحس مُتّقد ونبرة صوت بالغة النفاذ. لا أعرف من أين أتى؟ وماذا يريد؟ وكيف يمكن لذلك الأثر الذي يتركه أن يزول؟ يَطبع بصمة كالوشم تحاوط الروح، فتأسرها. ويسجل ترنيمة تبقى عالقة بين مسامعك كنداء خاص.. إنه يحاصرك ويستحوذ عليك بنضاله الراقي وأدواته الناعمة. 

زياد
أكليل صغير من الورود على ضريح الرحباني

عندما رحل «زياد الرحباني» في السادس والعشرين من يونيو 2025، كان موكب رحيله مهيبًا مشجونًا، حيث رافق أفراد العائلة والأصدقاء النعش في شوارع بيروت المزدحمة في وداع أخير، ليطوف الأزقة والحارات مودعًا الجميع. فكان التصفيق والهتافات وأجراس الكنائس والأعلام الفلسطينية يهيمن على مشهد الوداع. وترددت أغاني الرحباني في الشوارع، بينما كانت الحشود تُلقي «تلات» الورود البيضاء. لقد سار الموكب الذي قادته دراجات نارية تابعة لقوى الأمن الداخلي إلى قرية «بكفيا»، مسقط رأس الفنان، حيث وارى الثرى الجثمان النحيل.

لقد كان «زياد الرحباني» انسانًا قبل كل التوصيفات والمُسميات التي لاحقته، وهو الشئ الذي بدا جليًا في وداعه. الجميع يفيضون حزنًا على رحيله: رجال ونساء وأطفال وكهول.. لقد لامس في الجميع انسانيتهم. وكان من الصعب فصل الجانب الانساني في شخصيته عن باقي الأبعاد والزوايا. لقد تسامى عن كل ما هو ذاتي وأصر دومًا أن يتحاشى تفاصيله الشخصية، وحرص، في المقابل، على الانخراط في السرد اللبناني بدلاً من السرد الذاتي. ومن ثم راح يربط كل لحظات حياته بأحداث بلاده أو بمشاريعه الفنية. قصصه هى قصص أغانيه، ومحطاته الشخصية هى تلك التي تعبر عن محطاته الإبداعية؛ مسرحية كانت أو موسيقية.

اشتهر في لبنان بألحانه الطليعية التي مزج فيها بين الموسيقى اللبنانية التقليدية وموسيقى الجاز والمؤثرات البلقانية. لكن الأكثر تأثيرًا كانت كلمات أغانيه التي جمع فيها بين الهجاء الحاد والنقد الاجتماعي اللاذع والرومانسية الاشتراكية. لقد كانت هذه الأغاني، بالنسبة للكثيرين، بمثابة انعكاسات للحالة التي شهدتها البلاد خلال الحرب الأهلية من 1975 إلى 1990، وأصبح الرحباني الصغير صوتًا لجيل بأكمله. فكانت عائلة الرحباني بأكملها حجر الزاوية في العصر الذهبي للمسرح الموسيقي في لبنان. وقد حظي زياد، كمؤلف موسيقي وكاتب مسرحي وعازف بيانو ومعلق سياسي لاذع، بمكانة مرموقة في لبنان – ويرجع الفضل في ذلك أيضًا إلى لقبه وتاريخ عائلته. والدته الأيقونة، السيدة فيروز، صوت لبنان الخالد، حيث لحّن والده، عاصي الرحباني، أغانيها مع أخيه منصور «الأخوين الرحباني». ومزجوا الموسيقى العربية بالموسيقى الغربية والروسية والأمريكية الجنوبية.

فنان.. قبل كل شيء

زياد
سُئل «زياد الرحباني» أي الألقاب يحب؟

حين سُئل «زياد الرحباني» أي الألقاب يحب؟ قال أنه يرى نفسه فنان قبل كل شئ واختار أن يعتبر نفسه موسيقيًا وصحافيًا، متخففًا من كثرة الألقاب والتصنيفات. فلطالما كانت الفنون انعكاسًا للوعي المجتمعي والرغبة في تغيير الواقع. ومن ثم، تعد الموسيقي أحد أقوى أدوات التعبير عن الحس الثوري.  فعلى مدى مئات السنين، أثبتت كونها وسيلة فعّالة للاحتجاج الاجتماعي والسياسي، حيث برز عدد لا يُحصى من الفنانين والموسيقيين الرائدين في زمن الاضطرابات السياسية. وفي المشهد الموسيقي في الشرق الأوسط، قلّما نجد فنانين ثوريين مثل «زياد الرحباني».

لقد انتمى زياد الرحباني لجيل ثقافي عايش تحولات كبيرة في مسارات التاريخ العربي الراهن. وقد حرص دومًا على تأكيد مركزية الحرب الأهلية في تشكيل وعيه ومسار حياته ومواقفه ومشروعه الفني. ورغم ما تخلفه مواقفه السياسية أحيانًا من نقاشات واسعة، إلا أن خطه كان واضحًا دومًا ضمن رؤية أيديولوجية يسارية ماركسية، ودعمٍ للمقاومة ورفضٍ للاحتلال الإسرائيلي وانحياز للحق الفلسطيني ولقضايا التحرر عربيًا وأمميًا.

وعلى الصعيد المجتمعي، عبّر زياد عن مواقف صريحة في تقدميتها فيما يتعلق بقضايا العدالة الاجتماعية والمساواة بين الجنسين وحقوق الأقليات ورفض الطائفية. لكن يبدو عالم «زياد الرحباني» حالمًا أكثر منه عالمًا واقعيًا. ومع ذلك، يظل أبرز ما يمثله زياد سياسيًا، القيم التي يحملها مشروعه الفني، موسيقى ومسرحًا. وهى قيم اجتماعية بمضمون يساري تحرري وتنويري تقدمي، تنحاز للفقراء والمضطهدين، وتكافح ضد الاستغلال والفساد والاستعمار والامبريالية.

ومثلما عبر «زياد» عن نفسه بالموسيقى، خاض غمار التجربة الصحفية والتعبير بالكلمة في منتصف سبعينيات القرن العشرين، عبر كتاباته في جريدة السفير اللبنانية، إذ قدّم سلسلة مقالات ساخرة تحت عنوان «بالصميم»، تميزت بلغتها الشعبية القريبة من الناس، واعتمد فيها اللهجة اللبنانية العامية لنقد الواقع السياسي والاجتماعي بأسلوب لاذع ومباشر. وفي عام 2006، انضم إلى «جريدة الأخبار» منذ انطلاقتها، وكتب فيها مقالات أسبوعية امتدت حتى عام 2014، مستفيدًا من الخط التحريري اليساري للصحيفة، الذي انسجم مع رؤاه السياسية. واتسم أسلوبه في المقالة بالحوار الداخلي (مونولوج)، فقد كان يعالج القضايا اللبنانية والعربية من منظور نقدي شخصي، يمزج بين التهكم والأسى، ويميل في تعبيره عن الأشياء دومًا نحو التجريد والرمز والشاعرية.

والواقع، كان زياد الرحباني أحد أبرز الأصوات المؤثرة في الفن السياسي اللبناني، واشتهر بالسخرية اللاذعة والنقد الثقافي في كتاباته، حيث فتح آفاقًا جديدة في المنطقة، متطرقًا إلى مواضيع الهوية والسياسة والفساد والمقاومة بروح الدعابة والجاذبية. كما تناولت برامجه الساخرة وكتاباته السياسة الظلم الاجتماعي والفساد بمزيجٍ مميز من العصف الذهني والسخرية. كان من أشدّ المؤيدين للقضية الفلسطينية وحركة المقاومة العربية الأوسع، وخاصةً دفاعًا عن شعب جنوب لبنان. طوال حياته، لم يتردد الرحباني في تحدي السرديات السائدة، ثقافيًا كان أم سياسيًا أم طائفيًا. إرثه ليس فنيًا فحسب، بل أيديولوجيًا أيضًا، إذ كرس حياته نفسها للموسيقى والمسرح، والدفاع المستميت عن المظلومين.

زياد رحباني.. ملك الجاز الشرقي

زياد
مزج بين الموسيقى اللبنانية التقليدية وموسيقى الجاز والمؤثرات البلقانية

الحس الثورى والنزعة الحالمة خطان متوازيان فى كل محطات «زياد» الحياتية: منذ طفولته، وفي صباه وحتى اللحظة الأخيرة.. لقد اختار أداة شديدة النعومة في مبارزة الحياة. والواقع أنه لم يختارها، بل هي التي اختارته، حيث بدا عالم الموسيقى وكأنه الخيار المنطقي الوحيد له. لقد استطاع أن يغير المشهد الموسيقي بأكمله في لبنان. قام بالعزف على البيانو وبدأ في تأليف الموسيقى في ريعانه. أصيب والده، عاصي الرحباني، بنزيف في المخ عام 1972، وتدخل زياد، الذي كان يبلغ من العمر آنذاك 16عامًا فقط، لملء تلك الفجوة بموسيقاه الخاصة، والتي تم دمجها في المسرحيات ذائعة الشهرة التي قامت ببطولتها والدته، السيدة فيروز، في وقت مبكر من عام 1973. وشهد نفس العام ظهوره الأول ككاتب مسرحي بمسرحية «سهرية». تبع ذلك مسرحية «نزل السرور»، في عام 1974، وهي مسرحية سياسية كوميدية تناولت الفوارق الطبقية. وتعد أحد روائعه التي مثلت قطيعة مع الخط الرحباني التقليدي وبداية لتأسيس مسرح جديد يلامس الواقع اللبناني بلغة الناس وهمومهم. بالطبع، أكسبه التأليف لأحد أبرز مُطربي البلاد شهرة واسعة، لكن الاضطرابات السياسية حالت دون هيمنته على الساحة الموسيقية. ففي عام 1975، اندلعت الحرب الأهلية اللبنانية.

عكست أعماله خلال سنوات الحرب الأهلية اللبنانية الطويلة (1975-1990) حياة بيروت في تلك الحقبة. دارت أحداث مسرحيته (بالنسبة لبكرة شو؟) التي عُرضت عام 1978 في حانة، بينما الحرب الأهلية مشتعلة في الخارج. ويقال إن «زياد» تنبأ فيها باندلاع الحرب في لبنان. وقد عُرضت لقطات من بروفة مٌرتجلة للمسرحية في دور العرض اللبنانية في عام 2016. وفي اليوم الأول، شاهد المسرحية أكثر من 28.000 شخص، وأصبحت من أنجح العروض المسرحية في البلاد. والواقع، لم يكن المسرح عند «زياد» مجرد انعكاس للواقع فحسب، وإنما فعلاً نقديًا مسكونًا بهاجس التغيير ويمنح الجمهور فرصة النظر إلى أنفسهم «دون رتوش».

زياد
جمع في أغانيه ومسرحه بين الهجاء الحاد والنقد الاجتماعي اللاذع والرومانسية الاشتراكية

في الموسيقى سار «زياد» على نهج الرحبانية، لكنه أحدث أيضًا ثورة في الموسيقى العربية من خلال مزج الألحان الشرقية الكلاسيكية مع موسيقى الجاز والفانك والبلوز. وفي عام 1977، أصدر ألبومًا بعنوان «بالأفراح» من إنتاج شركة فيليبس لبنان. كانت فيليبس إحدى شركات الإنتاج الثلاثة العاملة آنذاك في لبنان الصغير، وهي حقيقةٌ تُشير إلى ثقافة لبنان الموسيقية الواسعة. يُعد هذا الألبوم الرائع نادرًا ومطلوبًا بشدة. جمع زياد نخبةً من الموسيقيين اللبنانيين ليعزفوا معه مؤلفاته، وكانت النتيجة كلاسيكيةً تمامًا، لكنها مرحةٌ في أدائها، مما ميّزها عن غيرها من الأعمال المشابهة.

ورغم روعة مؤلفاته حتى هذه النقطة، كانت هناك عاصفة تختمر في روح «زياد»، وكان على وشك أن يشهد تحولاً جذريًا من شأنه أن يذهل العالم. في أوائل عام 1979، حيث سافر «زياد» ومجموعة كبيرة من الموسيقيين إلى أثينا لتسجيل أول ألبوم موسيقي يصدر لاحقًا على شركة تسجيلات زيدا. كانت الحرب تعني أن الوضع في بيروت متقلبًا للغاية بحيث يصعُب التسجيل هناك، علاوة على نقص البنية التحتية لمثل هذا الإنتاج الضخم. تتويجًا لساعاتٍ طويلة من العصف الذهني والتأمل والكتابة وإعادة الكتابة، كان ألبوم «أبو علي» تحفة زياد الموسيقية، على نطاق واسع. كان دخولًا صاخبًا وحيويًا وملفتًا لموسيقى الجاز اللبنانية إلى مشهد الموسيقى العالمية؛ أول ظهور لهذا الصوت الذي رسّخ سمعة «زياد» كصاحب رؤية موسيقية.

يُعتبر ألبوم «أبو علي» بلا شك أفضل مزيج من موسيقى الفانك الشرقية، ويبدو الآن بنفس الحيوية والإثارة التي كان عليها قبل ما يقرب من 50 عامًا. ألّف زياد مقطوعة موسيقية آلية ملحمية مدتها 13 دقيقة، مستوحاه من فناني السول الأمريكيين السود – لكنه قدّم أداءً أوركستراليًا بالكامل. تخيّل إعادة صياغة جروفر واشنطن جونيور لأغنية «Masterpiece لفرقة The Temptations». لا تزال هذه المقطوعات الموسيقية تُعدّ منجمًا ذهبيًا للعينات الموسيقية، نظرًا لإنتاجها الدقيق وروعتها. يُعتبر ألبوم «أبو علي» من بين الأفضل، بقيمه الإنتاجية الرائعة التي لا تزال محل إشادة من الخبراء.

واستمر «زياد» في رفع سقف الرهان. وفي عام 1979، كتب ولحن ألبوم «وحدن»، وهو ألبوم زلزالي، مما أدى إلى انضمام فيروز نفسها إلى نادي الجاز. في سن الثانية والعشرين فقط، تمكن زياد، من تحويل فيروز – التي حظيت لعقود من التبجيل من الخليج العربي إلى غرب إفريقيا وما وراءها كمغنية كلاسيكية – إلى فنانة جاز. في ألبوم «وحدن»، أعاد زياد كتابة وتوزيع أغنية «البوسطة»، التي غناها في الأصل جوزيف صقر. «وحدن» هي تحفة فنية، تجمع بين أغنية «البوسطة» والأغنية الرئيسية، وهي أغنية حزينة وفولكلورية بامتياز، ولكنها مزينة مرة أخرى بضربات مفاتيح زياد بإيقاع موسيقى الجاز الرائعة وتوزيعات الفانك.

بلغت قوة «زياد» الابتكارية حدًا جعل حتى فيروز، تلك الأيقونة، تتحوّل. أعقب زياد أغنية «معرفتي فيك» الرائعة، والتي تضمّنت أيضًا غناء والدته. ومرة ​​أخرى، كانت الأغاني، ولا تزال، كلاسيكيات في ثوب حداثي أخاذ: «لبيروت»، تحية مؤثرة لمدينة تحتضر، و«كيفك إنت»، تحليل حزين لبعض أصعب جوانب علاقة زياد بوالدته. وبعد ما يقرب من خمسين عامًا، لا تزال موسيقى الجاز التي يقدّمها زياد موضع غيرة وحماس العديد من شركات إعادة إصدار أسطوانات الفينيل، ولا تزال تُباع بكثافة.

وطوال خمسة عشر عامًا من النضال والدأب والإصرار على المقاومة، واصل «زياد الرحباني» إنتاج موسيقى رائدة وواعية سياسيًا، صمدت منذ ذلك الحين أمام اختبار الزمن بفضل إيقاعها المميز ومزيجها الفريد من التأثيرات. فلا يزال جزءًا لا يتجزأ من عالم الموسيقى العربية حتى يومنا هذا، إذ ساهم في إرساء صوت لبنان في القرن العشرين من خلال تسجيلاته العديدة، وموسيقى أفلامه، وحتى عروضه المسرحية. ولا تزال أصوات موسيقى الرحباني الصغير، ومحتواها السياسي جزءًا أساسيًا من النسيج الثقافي للشرق الأوسط. فكان فنانًا بحق، يلملم هشيم الحكايات المنثورة، لا ليضعها جانبًا، بل ليطلق سراح الصمت المكسور، فلم يهادن ولم يخضع. وظل قريبًا وفيًا لكل من طواهم النسيان.

*****

شيرين ماهر؛ مترجمة ومحررة صحفية مصرية

خاص قنّاص – موسيقا

المحرر المسؤول: زاهر السالمي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى