أرخبيل النصوصجُذْمور الشعر

«تمرين يومي على الحياة» للشاعر السعودي عبد الرحمن الشهري

في الصباح علي التحقق ما إذا كنتُ حيا أم لا؟ أكون حيا بالجمال الذي يحيي القلب، وأنا من النوع الذي لا يحيا قلبي بسواه

«تمرين يومي على الحياة» لـ عبد الرحمن الشهري

عبد الرحمن الشهري شاعرٌ سعودي؛ صدر له خمس مجموعات شعرية، هي «أسمر كرغيف»، «لسبب لا يعرفه»، «صعود متأخر»، «الكتابة على جهاز آيفون» و«رأيت بروك شيلدز».

***

  1. تمرين يومي على الحياة

في الصباح علي التحقق ما إذا كنتُ حيا أم لا؟ يموت الإنسان إذا مات قلبه، وخرج من الخدمة. كل شيء يخرج من الخدمة ينسى، ويوضع في خزانة للأشياء المهملة. أتأكد من أن قلبي ما زال يعمل جيدا، وليس فيه عطل. أخشى أن يتعطل عندما لا يكون مهموما بالجمال، وبالحب الذي يسبقه. يسبق الحب الجمال ويشير إليه. جمال امرأة أو وردة أو موقف. المواقف بالذات يكون جمالها أبديا، ونستذكرها من باب الحنين. القريب الذي أفرحنا بالحلوى ونحن أطفال، لم ننس له تلك البادرة، وظل قريبا من الروح. لم نره بعدها كثيرا، ولكنه ظل ذلك الرجل الذي ذهب إلى الدكان، واشترى لنا الحلوى. وحفظنا اسمه ووده طوال الوقت. أكون حيا بالجمال الذي يحيي القلب، ويسقيه بالماء إذا ظمئ. وهناك طرق كثيرة للحصول عليه. وأنا من النوع الذي لا يحيا قلبي بسواه.

2. زيادة في الكوليسترول

    تغلق الدنيا في وجهي بابا، وأضحك. ليس من عادتي البكاء عليها، ولا الوقوف مطولا أمام أبوابها. العمر الذي أوليته ثقتي يفرط فيها من دون سبب واضح. والوردة التي تلوح لي عند كل منعطف، تختفي بمجرد وصولي. أضحك وأؤمن بالنصيب أكثر من ذي قبل. وأنظر إلى السماء التي تضحك أيضا، مع أنها ملبدة بالغيوم. في الصغر لا أعرف ماذا وراء الأبواب، وأحاول فتحها ببراءة. الظلام وحده يخيفني، والأصوات التي لا أستطيع تمييزها. حفيف شجرة يعني شبحا يختبئ خلفها. وربما سبعا إذا كنتُ أعيش في قرية! وفي العادة هناك ما أخشاه، وما أحسب له حسابا. وكلما كبرت كان خوفي واقعيا. تكفي زيادة في الكوليسترول لأن أخاف وأفكر بواقعية. ولأن أسقط هموما أخرى كانت تلح علي. وأقف أمام باب وأنا أعرف ماذا وراءه.

    3. لقاء قد لا يتم

    يوما ما سألتقي بظلي، ونجلس إلى بعضنا، من أجل التخطيط للمستقبل. مرة هو يمشي أمامي، ومرة خلفي، وأحيانا إلى جواري، على جدار بيت أو فناء، ولا نتبادل التحايا أبدا. قطيعة منذ البداية، وكل منا مستغنٍ عن آخره، ولا يمكن أن يشغل باله به. تمر الأيام والشهور بلا مصافحات، ولا تجمع بيننا أية مصلحة، ونفترق عند انطفاء النور. أنام على سرير، وهو لا أعلم أين؟ ولا نشترك حتى في الأحلام. وربما أقع في حب امرأة، والقطيعة لا زالت قائمة، وأنفرد بظلال حبها بعيدا عنه. المفترض أننا شيء واحد، ومع ذلك يدخل أحدنا قبل الآخر، دون مراعاة للذوق، ولا لنظرات المضيفين، الذين يرمقاننا بتعجب. قصة طويلة من عدم الوفاق، ولم يفكر أحد في الإصلاح بيننا، طيلة هذه المدة. وعندما تنتهي الرحلة، سننام وجها لوجه، ونتحدث بشأن المستقبل، الذي لن يكون سوى في الظلام.

    *****

    خاص قنّاص – جذمور الشعر

    المحرر المسؤول: زاهر السالمي

    اترك تعليقاً

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

    زر الذهاب إلى الأعلى