السُّؤال الذي يطرح نفسه في أوَّل ما يقع عليه نظرنا من عنوان هذا الكتاب: الحنين -كما يعرضه لنا الكاتب؛ إياد العملة- إلى ماذا؟
الحنين إلى مفقود عزيز نبحث عنه في هذا العالم الذي بات يتَّصف بالوحشيَّة والماديَّة، وفي النَّفس الإنسانيَّة المُشوَّهة التي ابتعدت عمَّا جُبِلت عليه من الفطرة السَّليمة، والهدف السَّامي من وجودها في هذه الحياة.
الحنين للخير والحبِّ والجمال، للزَّمان والمكان والذِّكرى والأهل والأحبَّة والخِلَّان، لأنفسنا، لكلِّ القيم الجميلة والأخلاق الحميدة، لكلِّ اللّحظات الحلوة في تاريخنا وواقعنا، الحنين للحريَّة وللوطن المغتصب كما في قصة مشروع تخرج، وقصة القدس العتيقة.
ولكن هل يكفي الحنين وحدَه لكلِّ ما تقدَّم؛ لإعادة بناء منظومة أخلاقية عتيدة وقوية في وجه قوى الطغيان والفكر الملوَّث؟
طبعًا لا يكفي؛ كما يجيب عن ذلك إياد العملة، ويُبين عنه في ثنايا خواطره وقصصه القصيرة، ويقترح أجل ذلك بأن نجعل من الحنين خُطّة عمل؛ للتمسّك بمبادئ ديننا الحنيف وهُويَّتنا الحضاريَّة!!
هذا الكتاب يعبِّر عن فكر إياد العملة نفسه، ومنظومته القيميَّة الأخلاقيَّة في كثير ممَّا جادت به قريحته، وفاض به يراعه في خواطره وقصصه، يحاول الكاتب تعميم ما يمتلكه من حنين؛ لينتقل من الأنا/ الذَاتيَّة إلى الأنا/ الجمعيَّة بطريقة لَبِقة غير مباشرة؛ إذ يرى بأنَّه معكم –أيُّها القّرَّاء الأعزَّاء- ولكم جميعًا يكتب، لا لتقرؤوا كتابه فقط، ولكن لتشاركوه لحظات الحنين لكلِّ ما هو قيّم وثمين.
وتأتي هذه الدَّفقات الكبيرة في كتاب إياد العملة صغير الحجم الصَّادر عن «الآن ناشرون وموزعون»، عمَّان/ الأردن في 122 صفحة من القطع المتوسط، وحسب مخطَّطه الذي جاء تباعًا في المسرد الآتي: حرف ينقص ولا يزيد، مشروع تخرج، مناظرة انتخابية، طيف مكون من مئة شعاع، مجرد وقت، الزملكان، للأسف، What’s down?، قهوتكم ساخنة، أوراق من دفتر مراهق، ماذا لو؟، القدس العتيقة.
ومن الجدير ذكره أن الرِّوائيَّ المهندس إياد العملة ولد في عمّان، حاصل على شهادة البكالوريوس في الهندسة من الأردن، وحاصل على شهادة الماجستير في إدارة الأعمال من بريطانيا. صدر له: مؤلف علمي حول موضوع مكافحة التلوث في المنشآت الطبية. «الميزانين»، قصص. «ويبقى الصوت حيا»، رواية. «حب أرض جو» رواية. «الحنين»، قصص، الآن ناشرون وموزعون، 2023. «الحارث.. الرحلة من التيه إلى الإيمان»، رواية، الآن ناشرون وموزعون، 2023.