«قصائد العمى» لـ لمياء المقدم، الشاعرة التونسية المقيمة في هولندا، مجموعة شعرية جديدة صدرت حديثا عن منشورات المتوسط في ميلانو.
«قصائد العمى» لـ لمياء المقدم، تروي الشاعرة سيرةَ كتابتهِ، ويروٍي عنها سيرتها كامرأة وشاعرةٍ تخلطُ الواقع بالشعر؛ يطفو علىصفحاتهِ سؤال الكتابة والحياة، وأيُّ الطرق نسلك؟ خاصة وأنَّ “الكلام ثوبٌ قصيرٌ، لا يسترُ الركبتيْن”، ولأنَّ لمياء المقدم ليست هنا في الزمن ولا خارجه، ولا تكتبُ كتابَ الجسدِ كما يُنبئنا النص الأول، إنَّما تجزمُ أنَّها نصوص العمى، لأنها مدَّت “يدها إلى الفراغ، فأمسكَ بها”، وتعثَّرت وهي تبحث بين الرفوف عن كتابٍ بألف كتاب، وهي أيضاً، عكس المتوقَّع، ستُبصِرُها الأشياءُ التي لم ترها من قبل، وتتماهى معها نصَّاً وراء نصٍّ دون الحاجة إلى دليلٍ أو عنوان.
للشاعرة لمياء المقدم قدرةٌ، لا تفترُ، في توليدِ الصور والمشاهدِ الشعرية، وتركيبها بصرياً في نصوصٍ تُحرِّكُها الأحداثُ اليومية التي لا تنفصل عن المواقيت العادية للنوم والصحو والخروج من البيت والتسوق والضحك والبكاء وممارسة الحب… هناك أبٌ يمشي في أحلامِ الشاعرة، وحواسٌ ترتبطُ ببعضها كالأضلع، وحياةٌ قاسية لن تصبحَ شعراً أبداً، وجمَلٌ قصيرةٌ، وفقراتٌ متقطِّعة، كُتبت في أوقاتِ الفراغ، فأيُّ يدٍ كتبتها؟ ومن صاحبُ الكتابِ الذي وقعَ بين يدي لمياء المقدم؟ قبل أن تفردهُ أمامَ القرَّاء، جازمةً أن “الأيدي لغةٌ”، “ثبات العيون موتٌ”، والعالمُ عليه أن يتوقَّف ليسمعَ نداءَ امرأةٍ تصارعُ أفكارها، وتكتبُ عن الذكريات والصداقة والأمومة واللحظات المهمَّة التي لا تُغفل … وأيضاً عن الكتابة التي تستمرُّ “بسبب المحبَّة”.
من أجواء مجموعة «قصائد العمى» لـ لمياء المقدم نقرأ:
في بعض المرَّات لا يحتاج تصحيح همزة هذا الألم كلَّه. يقول الكتاب الذي بين يدي. اللغة برمَّتها لم تكن ضرورية من وجهة نظر كاتبه. عقَّدت الكلمات علاقات البشر، وأدخلتْهم في متاهات وتأويلات ودهاليز لا مخرج منها. الثلَّاجة بديلٌ هادئ، الكراسي حلٌّ مريح أيضاً.
لكنْ، إذا رغب أحدنا أن يقرأ ويكتب وينظِّف أرضية المطبخ ويجلس في الشمس، أيّ الطُّرُق يجب أن يسلك؟ أين يعثر على الأفعال كلِّها مجتمعة؟ يقول الكاتب إن الإنسان وُلد عارياً من اللغة، وكان يجب أن يظلَّ كذلك. الكلام ثوب قصير، لا يستر الركبتَيْن.
لمياء المقدم: شاعرة ومترجمة تونسية، ولدت في مدينة سوسة التونسية ودرست الأدب واللغة العربية بجامعة الوسط-تونس قبل أن تنتقل للإقامة والعمل في هولندا. عملت صحفية ومقدمة برامج إذاعية في إذاعة هولندا الدولية. صدر لها: “بطعم الفاكهة الشتوية” شعر (2007)، و “انتهت هذه القصيدة، انتهى هذا الحب” شعر (2015)، و”في الزمن وخارجه” شعر (2018) منشورات المتوسط، كما صدر لها اللغة الهولندية: “ستجدني في كل كلمة أكتبها”، و”قصائد أوقات الفراغ”، شعر – عن درا يورغن ماس، وفي الترجمة عن اللغة الهولندية: “أنت قلت” رواية (2016)، و”مالفا” رواية (2018). حصلت في 2001 على جائزة الهجرة للأدب في هولندا.