(1)
الذي وهبنِي ليلاً مرصّعاً
بالشّموس،
حينَ يغيب ترتجف عظامي من شدّة البرد..
خائفة أتكوّر في اللّحاف خشية أن يمرّر البرد لسانه
من بينِ فجواته ويلعق ذكرياتي السّاخنة.
وسادتي الثقيلة بالانتظار صارت ريحاً تُراقص رأسي،
أضع أذني على بطن الرّيح وأصفِّر “احمليني إليهِ”
فتهدأ الريح وتنهض في قلبي عاصفة تُغنّي؛
“أنتِ الآن حرّة ووَحيدة كقطرة ندى سقطت على ورقة شجرة منسية”.
هناكَ فِي مكانِي المبسوطِ كحقلٍ على ظهرِ جبلٍ أخضر أبتسمُ للشمس
وأسرّحُ أسراب العصافير والفراشات
رسائل حُبّ مليئة بالرّفرفة…!
(2)
لَيلٌ يرفعُ غطاء قَمره،
يُعلّق نجوماً تتلألأ في دمعها.
ليلٌ يرى يدهاَ،
فما ينتظرُ،
فينحنِي ليقبّل ضحكتَها.
= =
حزنها رفرفةُ عصفور شريد
واهتزاز شجر،
بأصابعها تمسحُ وجه التّراب،
تُخْفض للرّيح غُصنها،
و تهمسُ للجذعِ حكاياتها.
لاَ ليلَ يمرّ بفراشها،
أنثى تكنسُ النّوم بِفرشاتها
ترسمُ على الوسائد ألوان حبيبها،
الأزرق الهادئ، بحرٌ
يبتلع جسدًا غريقًا يشهق أحلامها.
ليلٌ غريب يمرّ ببابها،
يقرأ على العتبات أسرارها،
الحجر يدغدغ أوجاعها
والصيحة المكتومة أعلى من أسوارها!
(3)
لِي أحاديث طويلة مع باب وحيد
وقديم،
باب خانه الخشبُ
فأحرق شجرة.
= =
عن العَتباتِ
وما تقوله فِي حزن الأبواب
أبواب تحمل نقوشاً دامية
لنساء انتظرن طويلاً
حتّى طُبعتْ آثار دماء أصابعهن
من شدّة الطَرْق.
= =
تقولُ العتبات،
لي حكمة البَابِ المنسيّ
وسرّه، تمرّ بي خطى غريبة
وأعرفها.
= =
باب لاَ يفتحُ للرّيح لكنها تجرحه،
ولا ينتظر
يظلّ صامدًا،
ويكتم!
(4)
أسمع نساء يتحدثنَ أثناء غيابي،
عن امرأةٍ لاَ تُطاقُ،
امرأة معزولة، لا ترى ما يرونه،
وأرى سكاكينَ تنهال على ظهرِي،
فلا ألتفتُ.
أتعرفون حجم الأذى الذي تتركه
طعنة امرأة في ظهر امرأة أخرى؟
أرى الندبة،
والدم الذي يسيل كلمّا
حكّني الجرح.
لا ألتفتُ لقهقهةِ نساء يُضحكهنّ بؤسهنّ
حدّ الأذى،
يتصنّعن سعادة ويخفين ألمهنّ تحت ألسنتهنّ،
حزنهنّ بادٍ بوضوح،
في السواد المتراكم تحت عيونهن.
لا ألتفتُ لكنّني أُشفِقُ.
…!
خاص مجلة قنآص
رفيقة المرواني؛ شاعرة تونسية (qannaass.com)