صدر حديثا

«صناديق بريد منسيّة – قصائد مخيّم الزعتري»

قصائد لمجموعة من الشاعرات والشعراء اليافعين: وثيقة جمالية في وجه قبح العالم

صناديق بريد منسيّة – قصائد مخيّم الزعتري

قصائد مخيّم الزعتري

ضمن سلسلة “دفاتر أوكسجين” صدر حديثاً عن محترف أوكسجين للنشر في أونتاريو، دفتر جديد بعنوان: “صناديق بريد منسيّة – قصائد مخيّم الزعتري” لمجموعة من الشاعرات والشعراء اليافعين. أعدّه وحرّره الشاعر السوري، المقيم في نيويورك، فراس سليمان، وترجمته إلى الإنجليزية المترجمة والأكاديمية الأميركية إيميلي دوتري.

يراهن هذا الدفتر على الإبداع بوصفه سجّلاً ومعبراً ووثيقة جمالية شعراً ونثراً، في وجه قبح ولا عدالة العالم، وهو ينقل صوت 36 صبية وشاباً من مخيّم الزعتري للّاجئين السوريين في الأردن، كتبن وكتبوا قصائدَ تمثّل الحقيقي والمغيّب، الإنساني النضر واليافع، العفوي والبريء، بما يحوّل الأسى والألم إلى جمال ودهشة، أمام واقعٍ تشكّلت فيه حياتهم داخل كرفانات المخيّم، واستحالت نصوصاً تستحضر بلدهم المنكوب، ومآسي اللجوء والشتات التي طالت الشعب السوري ومازالت منذ ما يزيد عن عقد من الزمن. مآسٍ ونكبات جرحت أرواحهم الشفافة وهي تخطُّ، رغم ذلك، أفقاً سخياً للحب والحلم بما يتحدى المكان وقسوته.
يستهل فراس سليمان مقدّمته التي جاءت بعنوان “أيُّ فرحٍ أن نكون سعاةَ بريدِهم” بالحديث عن الحلم الذي “كان” و”سيبقى” وما تحقّقَ من “إنجازٍ يجعلُنا نفرحُ، بل ونفتخر. فأخيراً ها هي أصواتُ بعضِ أبناءِ وبناتِ “مخيَّم الزعتري” تتحرّرُ من الأسوارِ لتصلَ إلى مطارح مفتوحة”.

ويضيف: “أيُّ فرحٍ أننا استطعنا، أن نأخذَ بأيدي هؤلاء اليافعين واليافعات بعدَ الكثيرِ من العمل الجادّ، وأن نساهمَ في إيصالِ هذه الأصوات، أن نرى ذاكَ الشغفَ المُثابرَ بين دفتيّ كتاب، أن تخرجَ هذه التجاربُ والمشاعر، الأحلامُ، المخاوف، هذه المواهبُ والوعود… إلى الضوء.
وإذ نشاركُ هذه النصوص مع القارئ، ندعوه ليحسَّ كلَّ هذا الصدقِ والألمِ والجمال، وليَتفاعلَ مع اختلافِ الأصوات المثير، ولنذكّره أنه على الرّغم من الحروب والطغيانِ والتهجيرِ والقهر ولا عدالةِ هذا العالم، استطاعَ هؤلاء الرائعون والرائعات كتابة تجاربِهم ورسائلِهم المليئةِ حبَّاً وأملاً”.

أما مترجمة القصائد إلى الإنجليزية إيميلي دوتري، ففي ملاحظاتها عن الترجمة تقول: “أثناء ترجمة هذه النصوص التي كانت نتاج ورشة كتابة إبداعية حاولتُ مقاربةَ النصِّ العربي قدرَ الإمكان. (…) المهمُّ أنني في جميعِ الترجمات، بذلتُ قصارى جهدي للحفاظِ على الحسِّ والعاطفة، بما يتيحُ نقلَ تلكَ الطاقةِ الرائعة التي شهدْتُها واختبرتُها في الكَرفان أثناء الحصصِ التعليميّة، وكلّي أمل أن يشارِكنا القارئُ روعةَ هذه التجربة الرائدة وأن تَلقَى هذه القصائد، التي كتبها هؤلاء اليافعون واليافعات، ما تستحقّه من اهتمام”.

الشاعرات والشعراء المشاركون في الكتاب:

أبرار علي، أحمد كريم، إسراء الحريري، إسلام مجاريش، آية مجاريش، بتول الداغر، براءة الكفري، بيان قطيش، تماضر الزعبي، حنين الشوامرة، خديجة اليعقوب، دعاء مجاريش، رغد عبود، ساجدة إبراهيم، سارة الحمد، سدين الحريري، سلام الحريري، سندس الداغر، صفا مجاريش، عبد الرحمن صبيحي، عزيزة اليعقوب، علي بشير، عمار الشولي، عمر سعود، عهود الفرحان، غفران الحسين، محمد أبو جيش، محمد الطحلة، محمد بديوي، محمد بركات، محمد صادق، مريم الحريري، ملك إسماعيل، نور الحريري، هاجر حسين، ورود الحريري.

هنا مختارات من قصائد الدفتر:

صندوق بريدك المنسي

لـِ نور الحريري..

أنا سماؤك

السَّحابةُ التي تلاحقُكَ

كأنَّك نبيُّ المطرِ الذي يداعبُ الشرفات.


أنا أرضُك… أنا شتلةُ الياسمينِ التي تتورَّدُ كلَّما صافحَتْ يدَك

أنا طريقُك الوحيدُ للخلاصِ

سورُك العالِي

وآخرُ منفىً للأمانِ، أنا عاشقُتك


أحبُّك، أخافُ المضيَّ معك، أقرؤك كلغةٍ قديمةٍ.

أسمعُكَ كنغمٍ مترفٍ

أصلِّي لأجلِك.


وأكتبُ لكَ وحدَك، أنا عنوانُك.

مكانُ عزلتِك، زاويتُك الهادئةُ بعيداً عن ضجيجِ هذا العالم.


صندوقُ بريدِك المنسيِّ

الحائطُ الذي تعلِّق عليه أحزانَك

وشجرتُك الصَّغيرةُ التي تحكي لها أسراراً

أنا النَّصُ الذي لن تنتهِيَ منه.

***

الأرض

لـِ صفا مجاريش..

أدرْتُ كُرَتي الأرضيَّة بِبطءٍ

أبحثُ عنْ جنَّةٍ خرجتُ مِنْهَا ذاتَ حربٍ

أبحثُ عن مكانٍ يحتوينِي

عن بحرٍ أشكُو إِليه الهمومَ

عن مكانٍ أحَبَّتْهُ أختِي ولم تَعُدْ إِليه

أدرْتُهَا مرَّةً ثانيةً وثالثةً وعاشرةً

ومازالَت تَدورُ

***

الخوف

لـِ براءة الكفري..

وصَلتِ السّعادةُ

هل أستطيعُ الانفرادَ بِها؟

هَلَّا تَركتَني قليلاً؟

وحينَ تحتاجُني وأحتاجُكَ

سَأُمسِكُ بيدِكَ

ونَلعبُ لُعبتَنا المفضَّلة

تُطارِدني

وأختبئ في حضنِ أمّي

سأبقى معكَ

مثلَما كُنتَ معي

عندما سِرتُ خطواتيَ الأولى

عندما دخلتُ المدرَسةَ

عندما ركبتُ الأُرجوحةَ أوّلَ مرّةٍ

عندما اقتحمَ كابوسٌ حياتي

عندما وبَّخَني أبي

عندما رأيتُ قطّةً في الظّلامِ

عندما دخلتُ قاعةَ الامتحانِ

كُنتَ معي عندما رأيتُ حرباً

عندما سمعتُ هديرَ طائرةٍ

عندما احتَضَنَني الحُزنُ

لم تُفارِقْني أبداً

والآنَ

اتركْ فسحةً أيُّها الخوفُ

فهُناكَ أحاسيسُ جديدةٌ

تُريدُ أن تُرافقَني

***

هل سأعود؟

لـِ سندس الداغر

أرى الحياةَ تبتسمُ

وأنا وسطَ الزّحام

يضحكُ الناسُ غيرَ مبالين

وقلبِي حزينٌ مُنهَدِمٌ مثلَ تلكَ البيوت.

ساعدْني يا ربي

اغرسْ في قلبي المحبَّة

كلَّما نظرْتُ إلى أمِّي لمعَت عينَاي

وافترَّت من وجهِي ابتسامةٌ غامضةٌ

تذكِّرُنِي بأيامِ

طفولتِي وجيرانِي

مدرستِي وألوانِي

دفاترِي وأقلامِي

وبوطنٍ لا أعرفُ إن كنتُ سأعودُ إليه

***

القاتلُ الخفيّ

لـِ أحمد كريم

لِمَ أزهقتَ روحِي يا قاتلي؟

وتركتَني وحيداً

كنجمٍ بهتَ النُّور فيه

ليتَ النُّورَ يرجعُ إلى نجمي

وترجعُ روحي إلى جَسدي

***

مسرحيَّة وشاعر

لـِ محمد أبو جيش

منتظراً دورِي

ماذا لو لم يكنْ لي دورٌ

هل سألعبُ دورَ الكومبارس؟

تخاطبُني روحِي

وتقولُ: لا

فأنتَ المخرجُ

والممثلُ والكومبارسُ والمسرحيَّة.

أجالسُ أفكارِي

داخلَ أوراقِي

وأزرعُ على المسرحِ

بعضَ الكلماتِ

وأسقِيها بعضَ المعاني

أقطفُها ورداً

وأهدِيها للجمهورِ

تاركاً خلفِي

لقطةً من الزَّمانِ

وبعضَ الذّكرياتِ

***

يتيم

لـِ محمد صادق

ما زالَ الطِفْلُ اليتيمُ

ينتظرُ أَباهُ أنْ يَعودَ

مِنْ رِحلتِه السماويَّةِ

***

صناديق بريد منسيّة – قصائد مخيّم الزعتري، أوكسجين للنشر

قنّاص – صدر حديثا

المحرر المسؤول: زاهر السالمي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى