عادل خزام يكتب الحبَّ
صدرت عن منشورات المتوسط في ميلانو-إيطاليا، مجموعة شعرية جديدة للشاعر الإماراتي، عادل خزام، حملت عنوان “كتاب الحب”. وليسَ غريباً أن يذهبَ الشاعرُ في كتابهِ هذا، إلى أن يفردَ للحبِّ كلَّ هذه الأسطر المكتوبة بتأملٍ عميقٍ، وخيالٍ شعريٍّ لا محدود، لتُضيءَ خمسةً وعشرينَ فصلاً، تتخلَّلُها رسوم وتخطيطات للفنانة الإماراتيَّة فاطمة جُمُعة.
يمتلك الشاعر عادل خزام شعريَّةً خاصَّة، تنطلقُ من تجارب ذاتيَّة، صريحة ومواربة في آن واحد، وهو مع كلِّ سطرٍ تسبقهُ كلمة «الحب» يتجاوزُ المتوقَّعَ وما يمكنُ أنْ يجعلَكَ تستدلّ على طريقٍ ما، الارباك هنا، جزء من المتاهة اللذيذة، يخلخلُ المتعارف عليهِ من مفاهيم الحب الفلسفية والاجتماعية المتداولة، ليخلقَ عالمَهُ الخاصَّ من داخلِ لغةٍ آسرةٍ، سبيلهُ إليها جوهرُ الأشياء والمعاني في تضادِّها، وإزاحة الأقنعة التي تخفي ما يرغبُ العالم في إخفائه.
هنا، يتَّخذُ الشاعرُ خزام من الحبِّ معبراً، منهُ وإليه، وهو يهدي الكتابَ إلى كلِّ من أحبَّهم، وكلِّ من مرُّوا يوماً في طريقهِ. فأيُّ طريقٍ هذه التي تتولَّدُ فيها الصور الشعريَّة المبتكرةُ، فأن تتمسَّكَ بقيمِ الجمالِ وفي الوقت نفسهِ تكون خفيفاً وشفَّافاً إلى هذا الحد، فهو إنجازُ يخرجُ عن المألوف بشكلٍ واعٍ واستثنائي.
الحبُّ منذ أوَّل الكتاب: «أنتَ تظنُّه القلمَ، لكنَّه في الأصلِ الممحاةَ»، وهو أيضاً «روزنامة العدم»، أو «يدان تتقاسمانِ الرغيفَ، وتُطعمانِ بعضهما». كما قد يكون «سائق إسعاف أعمى»، وفي مكانٍ آخر «سائق إسعاف يحملُ مرضاهُ مباشرةً، إلى المقبَرة». و «الحبُّ: أن تُصبحَ بطل فيلمٍ بعد نهايته»، هكذا يمضي عادل خزام في رسمِ خريطته التي تتشكَّلُ من طريقٍ وممرَّات سرِّية وأخرى جانبية، ممسكاً بقواعد اللعبة، وهذه الشعرية السوريالية الأنيقة، التي تفتحُ العبارة على احتمالاتٍ عديدة، فالجملةُ الواحدةُ هي الأسلوبُ، وعينُ الحكمةِ والجنون واليقظة.
وبين حزنٍ لا يخلو من السخرية، وجراحٍ تتعمَّد البقاء على قيد الحبّ، تمثلُ الكلمةُ التي ما أنْ تأتي على ذكرها حتَّى ينفتح هذا الكتاب، على أي صفحةٍ، لا على التعيين لتقرأ مثلاً: «تعارَفْنا على آخر مقعدَيْن في الباصِ، وحتَّى الآن لم ننزلْ»، أو: «كأن تلبسَ قميصَكَ بالمقلوبِ، وتمشي للوراء».
“كتابُ الحبّ” مجموعة شعرية جديدة للشاعر الإماراتي عادل خزام، صدرت في 208 صفحات من القطع الوسط، ضمن سلسلة “براءات”، التي تصدرها الدار وتنتصر فيها للشعر، والقصة القصيرة، والنصوص، احتفاءً بهذه الأجناس الأدبية.
من الكتاب:
الحُبُّ: عندما تعترفُ لها بعد عشرينَ سنةً، أن هداياكَ كلَّها مُقلَّدةٌ، وأوَّلُها خَاتَمُ الزواج
الحُبُّ: حَلَبَةُ مصارعةٍ بأسلاكٍ شائكةٍ
الحُبُّ: طائرٌ يسرقُ اللقمةَ من فمِ فقيرٍ، لكنها تسقطُ منه في فمِ غنيٍّ
الحُبُّ: حين رأيتُها، ظلَّ عُكَّازي مَسنُوداً على الجدارِ
الحُبُّ: لحظةَ أن تحطَّ الفراشةُ على زهرةِ النارِ
الحُبُّ: رجلٌ يُلاكِمُ ظلَّهُ على الجدارِ
الحُبُّ: بائعُ ذهبٍ يُنظِّفُ زجاجَ دكَّانِهِ يومياً، من قُبلاتِ الفتياتِ الفقيراتِ
الحُبُّ: كلَّما اقتربتُ من الحقيقةِ، ضعتُ داخلَها
الحُبُّ: مجموعةُ شبَّانٍ صلعانٍ في عربةِ بِطِّيْخ
الحُبُّ: كلُّ يومٍ حين أمدُّ فَمِي لتقبيلِها، تُوقِظُنِي أُمِّي للذهابِ إلى المدرسةِ
الحُبُّ: حين تَغُصُّ بالكلمةِ
الحُبُّ: عندما تظلُّ تَركُلُ علبةً فارغةً، طَوَالَ الطريقِ إلى البيتِ
الحُبُّ: الرجلُ الفارغُ، حين يخلعُ فانيلتَهُ أمامَ المرآةِ، ولا يجدُ أحداً
الحُبُّ: امرأةٌ بمؤخِّرةٍ مذهلةٍ، تنحني لربطِ خيطِ حذائِها أمامَ طابورِ رجالٍ
الحُبُّ: عطسةٌ مكتومةٌ، في فمِ عازفِ الساكسفون
الحُبُّ: ذبولُ زهرةِ البلاستيك.
عادل خزام: شاعر ومؤلف وإعلامي من الإمارات العربية المتحدة. مشارك نشط في المشهد الشعري العربي والعالمي، حيث تُرجمت أعماله إلى عدة لغات. وأصدر حتى الآن نحو 15 كتاباً موزعةً ما بين الشعر والرواية والفلسفة والروحانيات والدراسات. حازت روايته (الحياة بعين ثالثة) على الختم الذهبي للكتب المميزة في الأدب ورشحت لجائزة إريك هوفر للنشر المستقل في الولايات المتحدة الأمريكية في عام 2015.
فازت مجموعته الشعرية (الربيع العاري) – منشورات المتوسط – بجائزة توليولا الدولية للشعر في إيطاليا 2020. ووصفها الشاعر العربي الكبير أدونيس بأنها الكتاب الشعري الأكثر جدة واستبصاراً بين معظم الكتب الشعرية العربية في الربع الأول من القرن 21.
في عام 2021 حصل خزام على الدرع الفضي من قبل الاتحاد العالمي للكتاب من أصل إسباني تقديراً لعمله المتميز لصالح التعليم والثقافة والفن والشعر والأدب والسلام في القارات الخمس. وهو أيضا مبتكر الأنطولوجيا الشعرية الضخمة (شجرة شعر العالم) التي صدرت أثناء استضافة الإمارات لمعرض إكسبو دبي 2020 وشارك فيها أكثر من 405 شاعر وشاعرة من 106 دولة حول العالم.