أيها الحزن | محمد خضر

الشاعر السعودي محمد خضر يكتب «أيها الحزن» ونصوص أخرى…
أيها الحزن
وجدناك عمداً في قصصنا القصيرة..
ومصادفة في الطريق
في كل تلويحة..
وفي قصائدَ كتبناها عن الفرح..
أيها الحزن!
ثوب
ثوب قديم ومهترئ..
ذاكرته أوسع من جسمي
حين أضع رجلاً على رجل
في مناسبة مكتظة بالناس
يفهم ذلك مباشرة
وينساب كأنما للتو خرج من الخياطة
مرَّت عليه العطور الثمينة والمهداة
والرخيصة والمريعة..
عطر وحيد لايزال في ذاكرة خاصة
بالقرب من الجيب العلوي.. عطركِ..
ثوب أستبقيه لمدة طويلة مصلوباً
على الشماعة
وفِي المرات التي تدخل نسمة من النافذة
عبر الجبال..
يرفرف مثل علم في مباراة مصيرية..
يرقص نكاية بي!
بالأوقات التي بقيت فيها محايداً
ومكتفياً بالتصفيق..
لم يعد واسعاً اليوم..
ربما لأنه جريح
من كثرة الأثر
ربما لأنه يرفض تماماً أن يتحول إلى شيء آخر
خرقة.. أو رقعة..
أو متجعلكاً أسفل السحَّارة تحت السرير
ربما لأنه كتوم جداً فيما يخص العمر وزيادة الوزن..
هنا في مكان الياقة تماماً
أثر أوسع لكِ..
أوسع لكنه بطيء
جراء الأنفاس والغياب
وجودة الخياطة..
….
أغلق الغرفة جيداً
أرتديه بحذر.. وأجلس طويلاً
أحاول أن أتذكر
متى انقطع الإزرار العلوي؟
لقاء
أخيرا كان علينا أن نختصر
كل هذه السنوات في ركنٍ صغير..
كان على الوقت أن يسدد نحوي طلقةَ الحياة..
كان على الدهشةِ أن تكون على الهواء مباشرة
أخيرا عرفنا أن المسافةَ نسبية جدا
أن الطاولة التي بيننا قد تعادل أن تكوني في آخر العالم..
أخيرا قمنا بهزيمة الحنين وبخدشٍ واضحٍ في الوجه
عرفتُ سر يديك ودمغتها الفارقة على الأشياء
كيف تلمسُ كالحواة وتخرجُ العبارة الحيّة من العبارة الميّتة..
أخيراً -لو لاحظت-
كانت الحياة تصفقُ لنا بصخب وحماس
حتى أن النادل استدار فجأةً وكان يغبطُ فنجانَ القهوة الذي طالما كان جامداً وحيادياً
أخيرا نجحَ المخرجُ في أن يجمعنا مع القدر في صورة ملونة واحدة
أن يبدأ القصةَ كما يجب
ومن زاوية حانية؛
خصوصاً وأنت تتذكرين كيف ابتدأنا كتابة الرسائل من درجة الصفر..
كيف قاتلنا من أجلِ حفنة هواء
لم أكن منتبهاً تماما
كنت أقرصُ المسافات لأتأكد من موتها..
أختزلُ اللحظة وأحاول جمعها في عبارة دارجة بلهجتك المحليَّة…
كنت هناكَ أمامَ هذه التي طالما حَفظتني عن ظهر قلب!
……..…
بكفين متشابكتين
نكالاً بالحياة المهدرة!
محمد خضر؛ شاعر سعودي. صدر له عدة دواوين شعرية، منها: «مؤقتا تحت غيمة»، و«أقل من الضياع»، و«المشي بنصف سعادة»، و«تماما كما كنت أظن».
