يعد الشاعر وديع سعادة من بين الشعراء العرب الذين قدموا الحداثة الشعرية بشكل واضح، حيث يعمل على كتابة يومياته ومشاهداته الحياتية وفق رؤية فكرية وأدبية تصور الأحداث والمواقف الإنسانية المختلفة بأسلوب شعري متجدد ولغة شعرية قيمية تستند إلى تصوير المشاعر الإنسانية والمواقف الثقافية والاجتماعية الأساسية في المجتمع.
يحمل شعر وديع سعادة صورًا متعددة للموت والنهاية والغياب، الغياب النهائي للفرد، للشاعر، للإنسان الواعي بقدرة الموت على إنتاج الكآبة والحزن والألم عند الأحبة والأقرباء. إنه يكتب شعره وهو مؤمن بأهمية الكتابة عن الموت، وعن مآل الإنسان الذي يشعر بنهايته، حيث يوصي الشاعر بعد الصلاة عليه أو الدعاء له لأنه يؤمن بأن ذلك لن يقدم ولن يؤخر. وكأننا به ينفي عن نفسه فهم الآخرين وإدراك العالم في صوره وأشكال التعبير عنه. إن ما يثير في تجربة سعادة الشعرية هو قدرتها على ترك الأثر البالغ في الجيل الجديد، حيث نجد صداها الكبير واضحًا في العديد من تجارب هذا الجيل، سواء من الناحية الأسلوبية أم من الناحية اللغوية؛ خاصة على مستوى اختيار التيمات والقضايا والأفكار، لأننا نؤمن بعدم وجود قطيعة أدبية أو ثقافية بين مختلف الأجيال المتلاحقة واللاحقة على الرواد في هذا المجال الأدبي أو ذاك.
يعبر وديع سعادة عن ذاته المتشظية شعرًا وفكرًا، لأنه أدرك أهمية هاته الذات وقدرتها على تشكيل وعيها المختلف؛ بل وعيها المتشظي تجاه القضايا الاجتماعية والثقافية، وتجاه الآخر باعتباره مختلفًا فكريًا وسياسيًا. فهو شاعر مبدع من طينة مختلفة، من طينة شعراء الرفض والتمرد الفكري والثقافي، من طينة شعراء الحداثة الذين يستنكرون تكريس السائد والمألوف وفرض الأمر الواقع. ففي شعره تجد كقارئ ناقد نوعًا من التمرد الفكري على الواقع الاجتماعي والرفض لكل ما هو تقليدي كلاسيكي بشكل أو بآخر. فشخوصه في شعره كلها شخوص معبرة عن الحزن والمعاناة والألم التي تكتب سيرة الإنسان العربي العائش في عالم مظلم يسوده الظلم والاستبداد بكل أشكاله.
*عزيز العرباوي: كاتب وناقد مغربي
الشِعر في العراء | د. هدى فخر الدين
وديع سعادة أو «كان ما يمكن» | احساين بنزبير
وديع سعادة في «أعماله الكاملة».. الشعر يُصادِق الحياة | شريف الشافعي
إيروسية الصمت عند وديع سعادة | ممدوح رزق
وديع سعادة والتآخي مع الطبيعة | د. علياء الداية
الشاعر الذي مشى في شوارع الدّهشة | عبد الجواد الخنيفي
خاص قنّاص – ملفات