صدر حديثا

الترجمة العربية لرواية «رحلة أخي أليكسي في يوتوبيا الفلاحين»

رحلة أخي أليكسي في يوتوبيا الفلاحين ... هل كانت سبباً في إعدام مؤلفها؟

رواية «رحلة أخي أليكسي في يوتوبيا الفلاحين» للروسي ألكسندر تشايانوف

صدرت عن محترف أوكسجين للنشر في أونتاريو، رواية «رحلة أخي أليكسي في يوتوبيا الفلاحين» للكاتب الروسي ألكسندر تشايانوف، ونقلها إلى العربية المترجم والروائي العماني المقيم في موسكو أحمد م الرحبي. وتأتي هذه الرواية ضمن سلسلة أوكلاسيك (أوكسجين + كلاسيك = أوكلاسيك) التي يسعى من خلالها المحترف إلى تقديم الكلاسيكيات بنهج جديد ومغاير عماده الاكتشاف وإعادة الاكتشاف.

يقدّم هذا النص الرائد، الذي يتجاوز مجرّد متعة القراءة، مشاهد لا يمكن وصفها إلا بالمدهشة والحيوية للمناظر الطبيعية المحيطة بمدينة موسكو التي شيّدها الكاتب وعالم الاقتصاد ألكسندر فاسيليفيتش تشايانوف (1888-1937)، مقدّماً مجتمعاً لم تعد فيه المدن أماكن للحياة، والجميع يعيش في الريف، يزرعون الأرض، ويعيشون في هدوء وسكينة معتمدين على الطاقات الإبداعية الخلاقة التي تجمع تقاليد الماضي بالوسائل التقنية الحديثة، من وسائل الراحة والتنقل السريع. أليس هذا حلم غالبية سكان المدن اليوم؟

تنسف هذه الرواية المدنَ الكبيرة في شكلها الصناعي الحالي، وتراهن على المبادرات الابداعية الشخصية، ونشر الثقافة والفن في كل مكان، بينما تطفو رغبات الطبيعة العميقة إلى السطح، ومعها التفكير، في المقام الأول، في موسكو فاضلة، هي جزء من خيط اليوتوبيا الكبرى التي تخلّلت العديد من الأعمال الأدبية في بدايات القرن العشرين. لكن هذه الآمال سرعان ما تتلاشى شيئاً فشيئاً في رحلة خيالية ساحرة ومغامرة تحمل في طيّاتها متناقضات وأسئلة وجودية جريئة، كدعوة متجدّدة للتأمل في عالمنا اليوم.

وهذا ما يطالعنا في تساؤلات حملتها كلمة الغلاف: هل تحققت تنبؤات ألكسندر تشايانوف في هذه الرواية الديستوبية؟ هل أصبحت موسكو مدينةً فاضلة، عمادُها الفن والثقافة، وقد سُخّر العلمُ لخدمة الإنسان؟ أسئلةٌ كثيرة ستتوارد إلى ذهنك وأنت تقرأ هذه الرواية الاكتشاف، فبطلها أليكسي كريمنيف يُغمى عليه عام 1920 ليستيقظ 1984! (أي قبل أن يكتب جورج أورويل روايته الشهيرة بـ 29 عاماً)، وعليه فإنك ستخوض غمار رحلة خيالية تتخطى الخيال إلى الأفكار والطروحات، إلى الحب والمشاعر الغامضة، بينما يتكامل تشييد تشايانوف لمدينةٍ أشبه ببرج بابل، لكنها لا تخلو من أسباب انهيارها.

في مقدمة الكتاب التي جاءت بعنوان «تشايانوف، علَم على قبر مجهول» يوضح المترجم أحمد م الرحبي أنَّ عنوان الفصل الأخير من الرحلة، يدلُّنا إلى أنَّ تشايانوف كان يخطِّط لكتابة جزء/ أجزاء أخرى لكتابه، وأنْ يكمل معمارَ مدينته الفاضلة، المعمار الذي وجدناه مشغولاً بسردٍ متقن، ووصفٍ مرهَف، مع طرحٍ علميٍّ عميق، يصادفُنا في هذا الفصل أو ذاك من فصول الرحلة، كلُّ هذا في صفحات قليلة محبوكة بثقافة عالية، وحسٍّ أدبيٍّ رفيع، وفكرٍ اقتصاديٍّ يصوغ من النظريّة العلميّة، أحلاماً وفنّاً. فهل أكملَ تشايانوف رحلته؟ أين الجزء/ الأجزاء التالية إذاً؟ هل اختفت، ضاعت، أُعدِمَت مع صاحبها؟ لا أحد يعرف، تماماً كما لا يعرف أحدٌ المكان الذي دُفِنَ فيه تشايانوف، هو الذي أعدم رمياً بالرصاص عام 1937 بعدما صُنِّفت أعماله في «خانة العمالة للإمبريالية»؛ بل إنَّ ستالين تحدَّث في مؤتمر الماركسيين الزراعيين، وهاجمَ ما أسماه (النظريات المناهضة للعلم التي يقودُها اقتصاديون سوفييت من أمثال تشايانوف…) فأيُّ تهمة أشدُّ وطأة من تهمةٍ يسوقها ستالين؟”

بمقدمة وأربعة عشر فصلاً في 96 صفحة، جاءت رواية «رحلة أخي أليكسي في يوتوبيا الفلاحين»، من مرتكز البحث عن بدائل للاستبداد الذي يعتري الديمومة البشرية، بل يرسم مستقبلاً مغايراً للاتحاد السوفيتي آنذاك بعد الإطاحة بنظامه «أدبياً». وقد كانت هذه الرواية، على نحوٍ ما، سبباً في إعدامِ صاحبها.

***

ترجمة رواية «رحلة أخي أليكسي في يوتوبيا الفلاحين» للروسي ألكسندر تشايانوف

قنّاص – صدر حديثا

المحرر المسؤول: زاهر السالمي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى