صدر حديثا

رواية «الآنسة جميلة» لـِ نسرين النقوزي

الرّواية مسرحاً لوجهات النظر والآراء والعلاقات الإجتماعيّة المتشعّبة

صدرت حديثا رواية ” الآنسة جميلة ” للكاتبة اللبنانية نسرين النقوزي عن دار النهضة العربيّة في بيروت. وهي الرواية الثانية للمؤلفة. تأتي هذه الرواية بعد 3 سنوات على إصدار روايتها الأولى “المنكوح”. تقع الرواية في 112 صفحة من القطع الوسط وتتوزّع على أربعة فصول.

تفتّش الرواية عن ضرورات الصّمت، التخفّي الكذب والظّلام داخل البناء النّفسي لمجتمعات الشّرق، كما تتناول من وجهات نظر أفراد داخل إطار سردي أسري قضايا مسكوت عنها ومغطاة بعدة طبقات من التراث السلطوي.

ثلاث شخصيات في رواية ” الآنسة جميلة ” يعيشون معاً في بيت واحد، في جوّ من الظلام والوحدة لكل واحدٍ منهم آراؤه وأفكاره ونظرته للأمور والأشياء، حفلة مناقشة لوجهات نظر البعض في الحياة والعلاقات الإجتماعيّة والوجود وعلاقاتهم بأجسادهم. جميلة وأبوها “أبو أحمد” وزوجة أبيها سهير، التي هي من عمر جميلة، مما يخلق صراعاً بين شخصيتي جميلة وسهير.

تطرح رواية ” الآنسة جميلة ” عدة أسئلة وأبواب، زواج الأب الذي هو سبعيني من إمرأة في عمر ابنته، المصالح المشتركة بين رجل سبعيني وفتاة شابة، ماذا يريد كل منهما من الآخر؟ خصيّة جميلة التي قدّمت معها موضوع الزواج الذي لم يتم والإنجاب الذي لم يتم، ومشكلتها في التأقلم مع جسدها وشكلها الخارجي الغير متناسب تماماً مع اسمها، وكيف تتعامل مع هذا الجسد وتقارنه بجسد امرأة أبيها التي هي في عمرها ولكنّها جميلة، وكيف يسير هذا الصّراع.

من جهة ثانية موازية يقدّم العمل حاجة كلّ الشخصيات إلى الحب والاهتمام والجنس، وتسعى لكشف حقيقة شخصية النّساء العربيّات من الدّاخل ونظرتهن لأنفسهن، مشاعرهن، حقيقة علاقتهن مع أجسادهن، صراع البقاء والقيادة عن طريق خطاب سردي متعدّد الأصوات والشّخصيّات، بلغة السخرية المعتمدة كميزة أساسية طاغية على العمل.

نقرأ من أجواء رواية ” الآنسة جميلة “:

لست غبية، البتّةَ.

أرتجف من الداخل طيلة الوقت. أشعر أني مراقَبَة وأني ضيفة ثقيلة؛ هناك من يتتبع حركاتي؛ كي ينتقدني ويصوبني ويُشعرني أني الأسوأ، والأضعف والأقل ذكاءً. أشعر بعيونهم تلتهمني طيلة الوقت. أبو أحمد وجميلة اتفقا عليّ كي يدمراني. شعرت بالبؤس الشديد في هذا البيت، أكثر من أي وقت مضى. شعرت بالفراغ والضجر والخوف، يتناوبان تعريتي بكل وقاحة. صرت هذه الفتاة التي لا تفعل شيئا إلا أكل البزر. نظراتهما المريبة على وقع قصقصة البزر وطحنه بين أسناني تخيفني أكثر. أجلس بالساعات وأنا أفتح حبة بزر بين أسناني وآكل لبها دون مساعدة من أصابعي كالرجل الآلي. صرت كبندول، مهزوزة أحرك وجهي وأنا آكل أو أدخن النارجيلة نافخة الهواء إلى فوق. أنظر إليهما بفجور كي أبعد التُهم عني. إني لا شيء.

فعلا، لا شيء! لا قيمة لي.

لا راحة في هذا البيت. لا مكان للهروب. لا نوم. أتمنى لو كان هذا البيت لي وحدي، نلعب فيه أنا وكريم. نرجع صغارا. أبرياء. لا أتزوج أباه، عندها لن يكون هناك كريم. لن أكون أمّا لولد يذكّر الجميع بغبائي.

كريم، هو البصمة الباقية إلى الأبد، أني لست كالآخرين، وأني غبية، أنجب أولادًا أغبياء، لهم شنب ولا يزالون يلعبون ويحلمون بالألوان. يضحك علينا الجميع. يضحكون بوجهنا ويحدثوننا من فوق، فنصبح أقزاما تحتهم. ننتظر لحظة يدعسوننا؛ أنا شخصيا دُعست عشرات المرات وما زلت أناضل حتى اللحظة داخل هذا الكابوس. كأنه رواق لا ينتهي. يجرّونني من شعري من أوله إلى آخره. خيالات كثيرة تصفق. أرأيتم! لست غبية. المسلسلات علمتني أكثر من المدارس الخاصة التي تتبجح جميلة أنها تعلمت فيها. ولكني دون روح.

أعرف تماماً من خطف روحي.

قناص – صدر حديثا

المحرر المسؤول: زاهر السالمي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى