عن دار رشم للنشر والتوزيع في السعودية، صدرت مؤخراً المجموعة الشعرية الجديدة (تفسير السنين) للشاعر الفلسطيني معتز قطينة.
تعتمد قصائد المجموعة في ثيمته الشعرية على فكرة “اللانهائية” جاعلاً منها أصل الأشياء، ومعيداً تدوير النصوص في أفق لا نهائي، من خلال التأكيد على الفكرة باستخدام الترميز النصّي والبصري.
وتخوض المجموعة في خمس محاور تتناول عناصر عدة في التجريب، حيث تستدعي نبرة الاستنكار ضد الثابت من مزاج النص والمحاولات الموغلة في التجريب، كما تعمل على استدعاء عنصر الصوت بخواصه الأثيرية السرمدية، حيث يبدأ، ويتحوّل ولا يروح إلى العدم، فيما يبدو حيلة حسّية في بنية الكتابة.
إضافة إلى ذلك، فإنه يتناول الدلالة على استمرارية التمدّد في تجربة الكتابة، وهي الحالة التي ستعود لها كل العناصر بما تحمله من العاطفة، والأسطورة والخوض في اللغة.
وكما لو أن العناصر جميعها تخضع للتفسير، فإن إعادة تدوير عناوين النصوص تمثل محوراً ختامياً للدورة النصّية، إلا أنها في الحقيقة تضع لبِنة لبدء دورة أخرى يدخل من خلالها ـ من جديد ـ إلى الوقت.
وبقدر قناعة النص على امتداده بضرورة التجريب واختبار مساحة جديدة للكتابة شكلاً ومعنى، إلا أنه يمعن كذلك في الحياة، وتفاصيل العلاقات، والعناء الذهني، بالتساؤل حيناً، وباقتراح إجابات لا نهائية أيضاً، مستنداً في ذلك على حصيلة وافرة من التراث البشري، ومتخذاً من التكرار طريقاً لتأمّل الفكرة التي تسترسل ولا تتوقف.
تُعد هذه المجموعة السادسة للشاعر، حيث سبق وصدر له: “خلفي الريح مجدولة (2001)”، “أوجاع الذئب الأشقر (2004)”، “عصيان (2007)”، “أخاف أن تفشل الموسيقى (2015)”، “كان غريباً أنني صدّقت (2018)، إضافة إلى عمل سردي وحيد، بعنوان: “الجنسية (2010)”.
من أجواء المجموعة نقرأ:
يختبئ من العابرين، متحسساً رأسه،
ينظر إليهم بِرِيبة اللص،
يكابر على الشك بالتحديق ومجابهة الأعين
ويغمض هلعه إذا استقامت الحال..
وكان في لهاثه اليوميّ، بحثاً عن غنيمة ممكِنة
يطرق بشدّة كل باب
ومهما ضاقت الجدران يُفسح مكاناً
كأنه وقحٌ، أو طفيليّ غير مؤذٍ.
معتذراً وفي عينيّ خيبة من ينظرون بالأسى
دعيني أغرفُ من الأيام السحيقة ما يشبهني،
ما أردتُه: نسيجُ وَحدي وعزلتي،
وتفتّق الأفكار بين اللحظات المرتّبة كالقمصان في الوقت..
وأعدُك أيها الوقت،
وأنت تنثر غبارَك في شَعري ليبيضّ
وأنت تُثقل على وجهي وتفاجئ أيامي بالخمول، أعدك ألا أفسّر الغياب.
معتز قطينة: شاعر من فلسطين، يعمل في قطاع الإعلام والنشر، ويقيم في الإمارات العربية المتحدة.