حوار مع الحائز على جائزة الغونكور الفرنسية لعام 2023: جان باتيست أندريا، ترجمة عاطف الحاج سعيد ..
قبل أيام من الإعلان عن حصوله على جائزة الغونكور لعام 2023، أجرى موقع (www.ladepeche.fr) حواراً مع الكاتب الفرنسي جان باتيست أندريا حول مكانة الكتابة والفن في حياته. وجان باتيست أندريا هو روائي وكاتب سيناريو ومخرج فرنسي ذو أصول إيطالية، ولد في 4 أبريل 1971 في (سن جرمن آن له) في فرنسا.
روايتك «أن تَسْهَر عليها- Veiller sur elle، التي صدرت هذا الصيف وتنافس للحصول على جائزة الغونكور، تحكي قصة لغز…
نعم، من خلال نوع من الإثارة الميتافيزيقية إلى حد ما، ودون المبالغة في هذه الإثارة، تستعرض الرواية لغز كبير، وهو تمثال كبير مدفون في أقبية دير إيطالي. هذا التمثال مخفي لأن الفاتيكان يضفي عليه فضائل سحرية أو حتى شريرة، فلقد لاحظ الخبراء أن الأشخاص الذي يرونه يصابون بالاضطراب والارتباك. وتغوص الرواية في سر هذا التمثال من خلال قصة الشخص الذي نحته ولقائه الاستثنائي مع فتاة مختلفة تماما عنه، فهي امرأة غنية ومتعلمة بينما هو رجل فقير وغير مثقف. ويضئ تصادم هذين الشخصين سر هذا التمثال.
الفن الذي تستدعيه في روايتك يمثل سمة لجميع أعمالك …
أعتقد أنني أربط الفن بالحرية. لم أتماهى مع تفاصيل ما كانت عائلتي تتمناه لي بحب ولطف كبير، أي أن أحصل على وظيفة كبيرة وراتب كبير. وكان هذا الأمر بالنسبة لي كأن شخص يحدثني بلغة غريبة عني. لم أحصل على وظيفة بالمعنى التقليدي للكلمة. إنه أمر شخصي، لكنني لا أفهم كيف يمكنني الخروج في أوقات محددة، والجلوس في الصباح أمام مكتب والامتثال لأوامر شخص أقل كفاءة مني أحيانا. لذلك، بمجرد أن أنهيت دراستي، لم أفعل شيئا سوى الكتابة، قمت بالترجمة لتغطية نفقاتي. لحسن الحظ، تمكنت من تنظيم نفسي لتكريس نفسي للكتابة، وبالتالي أعتقد أنني أرى فعل الكتابة، وبالتالي الفن بشكل عام، بوصفه طريقة لفهم حرية المرء ومصيره. بالنسبة لي، الفن هو الحرية!
هل يمثل مصير شخصياتك، في كل من أعمالك، محركا للكتابة؟
أنه أكثر من المصير، أعتقد أنه يمكننا التحدث عن مكالمة هاتفية في حياتنا نجيب عليها أو لا نجيب. وهذه المكالمة يمكن أن تكون بسيطة جدا، فإنه ليس بالضرورة أن تذهب وترسم لوحات كبيرة من عصر النهضة! (ضحك) يمكننا فعل أي شيء، بفضل التعليم، يمكننا تغيير مسار الأشياء من خلال الرد على هذه المكالمة. ربما هذا هو موضوع رواياتي.
الرد على هذه المكالمة، كما فعلت، يتيح الازدهار …
بالتأكيد! إذا اتبعنا هذه الغريزة، هذا الصوت الصغير الذي يتجلى في سن الثانية عشرة تقريبا، فهو سر السعادة. ولكن يمكننا أيضا أن نكون سعداء جدا من خلال العمل في مجال التمويل! على الرغم من أن الكثير من الناس يعملون في هذا المجال لأسباب خاطئة. لكن السر يكمن في البقاء متوافقا مع رغبات الشباب التي لم تفسدها الضرورة المادية بعد.
تاريخ هذا النحات، مايكل أنجلو فيتالياني أو ميمو، يسمح لنا بالمرور عبر جزء كبير من القرن العشرين الذي كان له نصيبه من الأحداث القوية، ولكن أيضا عبر تاريخك الشخصي، أليس كذلك؟
ما أثار اهتمامي كثيرا هو محاربة الكسل والسهولة. أعتقد أن ذلك يعني أن تمارس قدرك. ثمة جمال في الكفاح. عندما كتبت روايتي الأولى «مليكتي- Ma reine»، كتبتها فقط لإرضاء نفسي لأنني لم اتحمل الحدود التي فرضتها على نفسي لمدة 20 عاما، والتي كانت ضرورية وخلاقة لنشاط كاتب سيناريو ولكن، في مرحلة ما، كان عليّ أن أشعر بحرية أكبر. لم أفكر في نشر هذه الرواية ولكن بما أني استغرقت لمدة شهر ونصف في كتابتها، بادرت لأرى ما إذا كان يمكنها أن تثير اهتمام أي شخص. وكل ما يحدث لي منذ ذلك الحين، بما في ذلك الترشيح لجائزة الغونكور وجوائز أخرى، يجعلني أهلوس! كان هذا مفاجأة رائعة بالنسبة لي.
هل الجوائز التي حصلت عليها تعزز من اختيارك للحياة ككاتب؟
لقد قاتلت كثيرا وبصورة أساسية ضد عدم اليقين لأصبح كاتبا لدرجة أنني لا أنسى الطريق الطويل الذي قطعته من أجل تحقيق ذلك. لأنه نحن وحدنا تقريبا، داخل رؤوسنا، لذلك يتطلب الأمر الكثير من المثابرة. لكن ما هو مؤكد هو أننا لا نكتب للحصول على جوائز. غالبية الكتاب الذين أعرفهم يملكون الجذوة المقدسة، ولكن صحيح أن الحصول على اعتراف من أقرانهم، بائعي الكتب أو القراء هو أمر يدفئ القلب، لن أقول خلاف ذلك. ولكن إذا لا توجد جوائز، سنستمر كذلك في الكتابة وبعد ذلك يمكننا أيضا المضي قدما كثيرا دون جوائز، لحسن الحظ.
ولكن يمكن للجوائز أن تغير حياتك، وجائزة الغونكور مثال على ذلك…
نعم، مع بدايات المواسم الأدبية الكثيرة التي شهدناها منذ حوالي عشرين عاما، فإن الجائزة هي حقا شيء ثمين جدا لإلقاء القليل من الضوء على كتاب. الميزة هي أن ثمة الكثير من الجوائز اليوم، ولكن عندما نصل إلى مجالات جوائز مثل الغونكور، فهذا أمر مثير للعاطفة. ثم هناك لحظات الانتظار خلال الأيام التي تسبق الإعلان عن الجائزة، فهي لحظات من الإثارة. تتيح قوائم الجائزة للكاتب أن يكتب اسمه، حتى لو لم يحصل على الجائزة، ضمن قائمة الكتاب الذين ينالون إعجاباً.
***
حوار مع الحائز على جائزة الغونكور الفرنسية لعام 2023: جان باتيست أندريا، ترجمة عاطف الحاج سعيد
الروائي والمترجم السوداني عاطف الحاج سعيد