صدر حديثاً عن دار “الآن ناشرون وموزعون” في الأردن؛ كتاب جديد للباحث المغربي سعيد بوخليط بعنوان “شعرية غاستون باشلار وقضايا الترجمة”، حيثُ يضم عدَّة حوارات لامست متن باشلار وقضايا الترجمة؛ أُجرِيت مع بوخليط خلال فترات زمانية متباعدة وانصبت موضوعاتها إلى محاولة إبراز جوانب من شعرية غاستون باشلار، أو معطيات نتاجه الأدبي.
كما يشمل الكتاب رافدًا ثانيًا خلاَّقًا، بالنسبة للخيال الإنساني، مثلما جرى الشأن مع اجتهادات باشلار الأولى على مستوى تصوراته الإبستمولوجية المختلفة، وكذا تطلعه نحو بلورة مرتكزات فلسفة جديدة تجاوزت بديهيات العقلانية الديكارتية، منفتحة وقادرة بالتالي على التفاعل مع جلّ مستجدات الثورات العلمية.
وظلت هوية باشلار الناقد الأدبي، مقارنة بالفيزيائي وعالِم المختبرات، متوارية دون وجه حق غاية الإهمال الكبير، ضمن توجهات الاهتمامات الأكاديمية للثقافة العربية الحديثة والمعاصرة، سواء على مستوى ترجمة النصوص الباشلارية، النوعية حقًا.
وقد حدَّدت سبلا مفصلية فيما يتعلق بتطورات الدرس الأدبي خلال القرن العشرين، منذ حدوث القطيعة جراء الانتقال من المنحى البيوغرافي- السيري صوب الانكباب على البناء الداخلي للنص وسبر مختلف بنيات الكاتب الدالة.
وعلى امتداد فقرات هذا العمل، أحاديث متداخلة ومتنوعة وعبر زوايا عدة توخت استحضار رؤى باشلار الشغوف بالقصيدة، ثم أسئلة معرفية أخرى عديدة أثارها سؤال حيثيات ترجمة باشلار إلى اللغة العربية.
وحاول بوخليط عرض وتطوير معطيات، عبر لقاء إعلامي مطول، دشنته بداية أسئلة أكاديمية صرفة، طرحتها مجلة “المنظمة العربية للترجمة”، ثم توالت التفاعلات حول المتن الباشلاري، مع منابر ومهتمين من المغرب والعراق والإمارات والجزائر وفلسطين ومصر ولبنان.
ونتيجة الأسئلة المحرِّضة لهؤلاء المتدخلين، انبعثت الآفاق التي اشتغلت عليها أجوبة الكتاب دوافع اهتمام بوخليط بغاستون باشلار، خيال باشلار، المنهج الباشلاري، نظرية العناصر الأربعة، باشلار والفلسفة العربية، الدروس المستخلصة من المرجعية الباشلارية، باشلار ومفهوم القطيعة في منهج محمد عابد الجابري، العلاقة بين العلم والفلسفة، الأدب والفلسفة، الأدب والأوبئة، الرأسمالية والاندحار الحضاري. كما يجيب عن مرجعية اختيار موضوعات الترجمة، الهوية الثقافية، سؤال النقد، المجتمعات العربية ومرتكزات الحداثة، واقع الترجمة ومؤسساتها وظروفها، نظرية الترجمة، الترجمة والتلاقح الثقافي، الترجمة والتحديات المُستقبلية.
يُذكر أن هذا ليس العمل الوحيد لسعيد بوخليط حول باشلار، فقد خصه بعدة إصدارات سابقة، نذكر منها: “غاستون باشلار: عقلانية حالمة”، و”غاستون باشلار: نحو أفق للحلم”، و”غاستون باشلار: بين ذكاء العلم وجمالية القصيدة”.