دَلّني عليه صديقي وأخته. حوش شاسع جداً، مَكَبّ لهياكل الباصات التي هَرِمت وهي تشق طريقها في المفازات.
القطارات الأسرع والأرخص لم تكن تُغطي كل تنزانيا، ومن هنا جاءت تجارة نقل المسافرين بالباصات. تجارة وافرة الربح، احترفها العديد من العُمانيين الأغنياء.
هياكل الباصات تلك تابعة لشركةِ نقلٍ يملكها والد صديقَيَّ. نذهب إليها في العصيرة، مُنْسَلّين عن أهلنا، حتى الغروب.
نتبادل دور سائق الباص «القبطان» الذي يدير الرحلة ويسيرها، والآخران يمثلان دور مسافرَين، كل مرة إلى مدينة.
يصدف أن ينضم إلينا بعض الصبية والفتيات المسافرين، الذين لم يكن لهم الحقّ في مقعد القبطان، فهو محجوز لنا وحدنا، الثلاثة أصحاب فكرة السفر.
خيال يشطح إلى البعيد، المفازات. لا يتخيله غيرك، ومن هو في مثل سِنّك.
نتنقل بين مدن وغابات. نواجه المطر العارم وغوص الإطارات في الوحول. نجابه عطش المسافرين الطويل بين المحطّات.
نلعب ونرقص بينما نحن في الرحلة. لا يوجد سيناريو محدد، الطريق التي تسلكها الرحلة هي من يوزع الأدوار، وتخترع الحوار والأحداث بين أزمنة السفر…
كنا نطلق عليه مقبرة الباصات!
*مقطع من كتاب سردي قيد النشر بعنوان: «منازلُ طَلْعةِ الشمس».
مقتطف جميل ،اكيد من سرد سيكون ممتعا. نترقب الخروج للاطلاع على كل التفاصيل…مودتي