تواصل مجلة «قناص» في زاوية «خطوة على طريق النشر» نشر شهادات الكُتّاب عن حيثيات الدخول إلى عالم النشر. هنا شهادة الزميلة سماح ممدوح حسن، وهي كاتبة ومُترجمة من مصر:
***
لا عجب أن عملية النشر لأي كاتب، عملية شاقة وطويلة خاصة إن كان الكاتب لا يتعامل مع دار نشر لا تتقاضى مقابل النشر. لكن في الوقت عينه هي عملية مغرية، رؤية الكاتب لاسمه على كتاب هو غواية. وتلك الغواية هي ما تدفع الكثيرين للتعجّل على النشر.
صدرت أولى أعمالي مجموعة قصصية مترجمة بعنوان”إعدام” وكانت عبارة عن مجموعة قصص مترجمة لكتّاب مختلفين. صدرت عن دار إبداع للترجمة والنشر في عام 2019.
أتذكر مدى فرحي برؤية اسمي مطبوعا على كتاب، وخوفي، ولا أزال، بعد نشر العمل الأول من الخطأ والنقد. أظن أن هذه المشاعر المتضاربة من الخوف والفرح والقلق تنتاب كل من يعمل في مجال الإعلام عموما والكتابة بشكل خاص. فحتى الآن لا أزال أترقب نشر مقال، حتى لو مقال وأترقب ردود الفعل عليه.
في بداية حياتي العملية كنت أتعجل العمل وأتعجل النشر، لكني الآن أحاول التمهل أكثر في النشر، وأتمنى أن أنجح في هذا التمهل، لإعطاء نفسي فرصة أكبر لمراجعة الأعمال أكثر من ذي قبل، فكلما زاد عمر وخبرة الكاتب خاصة العامل في المجال الثقافي زاد خوفه وتمهله في النشر.
هناك بعض النصوص أجدها صعبة على الترجمة، وقد كانت معظم مجموعتي الأولى كذلك، وبعضها سهل للغاية. أما النصوص الصعبة تكمن صعوبتها في أحيان كثيرة في قدم النص، حيث تكون المصطلحات وتركيب الجملة مختلفة، وأحيانا فكرة النص ذاته حتى لو في المجال الأدبي، فهناك بعض القصص مثلا يكون بها مغزى فلسفي غامض بعض الشيء. لكن النصوص الحديثة ربما تكون أسهل بكثير في العمل لأن اللغة فيها مألوفة والسرد واضح.
“إعدام” مجموعة من القصص لأهم الكتّاب الذين شكلوا ركأئز الأدب العالمي. هذه المجموعة تدور في إطار اجتماعي وإنساني نتناول فيها حياة بعض البشر الذين تشبه حياتهم حياة الكثرين منا. وتشتمل المجموعة على اثنتي عشر قصة متنوعة. من بينها قصة “إيفلين” لجيمس جويس وهي عن فتاة يتيمة تحتّم عليها الاعتناء بأسرتها بعد وفاة أمها وهذا الأمر منعها من الهروب والزواج بمن تحب. وضمت المجموعة أيضا قصة بعنوان “إعدام” والتي سميت بها المجموعة، لجورج أرويل. وأذكر أن الناشر هو من أختار هذا الاسم، فلا أتذكر على وجه الدقة الاسم الذي اقترحته أنا أولاً. من بين قصص هذه المجموعة التي تأثرت بها كثيراً، وربما هي القصة الأولى التي ترجمتها كانت “ساعة من الزمن” لكيت شوبان، وكنت أظن أن بطلة القصة سيدة ذات حظ تعيس، فعندما تزوجت ممن لم تحبه وكرهت العالم ونسيت إنسانيتها وفي لحظة ما عرفت بموته وظنت أن الحياة ضحكت لها. إنهار الحلم واكتشفت عكس ذلك فماتت هي وحزنت أنا على مصيرها في الحقيقة. قصة “عربي” أيضاً من تأليف جيمس جويس التي أحسست أنه كتبها عن الجميع، كل من مر بمرحلة المراهقة، تذكّر الجميع بمتاعب حياتهم في تلك الفترة وكنت من بينهم. أيضا تلك القصة الإنسانية التي لا ترتبط بزمن معين. قصة “ندم” لكيت شوبان، الكاتبة التي أحب لها قصصاً عديدة، كتبت تلك القصة وكأنها تنبيه أو نظرة مستقبلية لسيدات كثر فضلن النجاح في الحياة العملية على الحياة الأسرية.
سعدت بنشر المجموعة كثيرا، سعدت بترجمتها من قبل فتنوع موضوعاتها أضفى عليها ميزة خاصة، وعلى الصعيد الشخصي أحببت القصص فأردت أن يقرأ الآخرون ما أحببت. وأيضاً لم أُقابل حينها متاعب كثيرة في عملية النشر فقد كانت إدراة دار النشر متعاونة، خاصة هي دار تهتم بشكل خاص بالترجمات.