المؤلّف له في السرد.. من سحر الورق إلى فتنة الرقمي
صدر حديثا عن دار خريّف للنشر التونسية دراسة جديدة للباحثة والناقدة التونسية بسمة بن سليمان حملت عنوان «المؤلف له في السرد.. من سحر الورقي إلى فتنة الرقمي».
مع التطور الرقمي، لم تعد المفاضلة مطروحة بين الكتاب الورقي والكتاب الرقمي، بل صار الأمر يحتاج إلى قراءات مختلفة تعترف بفضل الأول وتقيّم أهمية الثاني وخصوصياته، وهو ما قامت به الباحثة التونسية الدكتورة بسمة بن سليمان في أحدث كتبها الذي اختارت له عنوانا لافتا وهو «المؤلّف له في السرد: من سحر الورق إلى فتنة الرقمي».
من العنوان يظهر التوجه المختلف الذي اختارته الباحثة، وهو المطلوب اليوم بعيدا عن المقارنات بين من يسبق من الورقي أم الرقمي، وأيهما أفضل. اليوم في عصر الميتافرس والتحول الرقمي والذكاء الاصطناعي الذي يخترق أدق تفاصيل حياتنا اليومية وخصوصياتنا بات حديث المقارنات بلا جدوى في حين تقتضي الضرورة خلق نقطة التقاء.
هذه النقطة، وفق د. بسمة بن سليمان هي «المؤلّف له». كان من السهل أن تقول الكاتبة «القارئ»، لكنّها عمدت إلى اختيار مصطلح «المؤلّف له» باعتباره أكثر دقّة ومن حيث تعبيره على خصوصية كل تجربة ومقاصدها.
وتفسر د. بسمة بن سليمان في تقديم الكتاب ذلك قائلة: “…. و«المؤلّف له» ليس المتلقّي في معناه الانسيابي المطلق، ففعل التّلقّي يفلت بالضرورة من دائرة توقّعات المؤلّف ولا يمكن حصره في شريحة يستهدفها أو يضعها في حسبانه إذ يكتب.
ولقد تعدّدت تسميّاته بين «مقول له» و«مرسل إليه» و«مرويّ له» و«قارئ»، وهذا التعدّد مدعاة للالتباس والتّداخل والانفلات، بما يدعونا إلى محاولة فهم الأسس الّتي يبنيها المؤلّف وهو يضع في حسبانه قارئا بمواصفات معيّنة، قد اصطلحنا على تسميته بالمؤلّف له. حتّى أنّنا نذهب إلى القول إنّ الحاجة إلى التّأليف تنتفي إن أحسّ المؤلّف بانقطاع الصّدى والعزلة وبأنّه لا وجود لمن سوف يقرأ له ويتأثّر بكلامه ويفهم قصده مثلما أراد هو أن يبلّغ ذلك القصد.
اعتمدت الباحثة في مقاربتها على أمثلة دقيقة وصفتها الناقدة هنيدة قصدالله بأنها «اختيار واع» من الباحثة خاصة في تتبعها لمسار الكتابة «الذي اعتمدت فيه المدونة السردية من القديم إلى الحديث فالرقمي» من ذلك (الفخري) في الآداب السّلطانيّة، وحكاية سليمان التاجر فرواية بيروت بيروت لصنع الله إبراهيم وصولا إلى الرواية الرقمية (تحفة النظّارة في عجائب الإمارة) لمحمّد سناجلة».
وفي الواقع، تتبعت الباحثة مسار السرد منذ ما قبل الكتابة، حيث اقتفت: «آثار التّأليف، من خلال الأشكال التّي سبقت الكتابة على الورق ثمّ واكبته وانتهت إلى تجاوزه نسبيّا عبر الكتابة الرّقميّة، نرى علامات تُشير إلى طبيعة العلاقة بين المؤلّف والمؤلّف له الّذي يتمّ استهدافه وتقصّده بالخطاب».
القصص هي وسيلة لتحرير النّاس، ولكنّها أيضًا طريقة محتملة لقمعهم وفقًا لطبيعة القصّة ذاتها. والاختلاف على قصّة مّا قد يثير صراعات وخلافات بمجرّد روايتها، خصوصا حين تُقدّم حياة شخص على نحو مخالف تماما للتّوقّعات. وهذا ما يوضّح طبيعة العلاقة الّتي يسعى المؤلّف أن يبنيها مع «مؤلّف له»، وطبيعة الانزياحات الّتي قد تحدث في هذه العلاقة بما لا يتوقّعه المؤلّف ولا يخطّط له. وبهذا المعنى يمكن اعتبار أنّ كلاّ منّا مؤلّف وكلاّ منّا في سياقه اليوميّ مؤلّف له يقع توجيهه أو مغالطته أو إحداث الصّدمة لديه أو استعداؤه.
ولا مفرّ للمؤلّف وهو ينشئ السّرود من أن يمرّ بمعابر التّاريخ وأروقة المجتمع والسّياسة بشكل مخصوص. وقد يكون المؤلّف بطل كتابه أو شاهدًا على أحداث العالم ومعاينا لأوضاعه ومحصيا لأشيائه، وهذا ما يضع استقلاليّة الذّات عن العالم موضع سؤال. وهو في كلّ الأحوال يستهدف جمهورا معيّنا إمّا بطريقة مباشرة أو عبر وسائط يحسن توجيهها، وقد تفلت منه هذه الوسائط عندما تخاطب من لم يضعه في حسبانه.
العملية هنا لم تعد ترتبط بالحامل بقدر ما ترتبط بالمحتوى وبمن يتوجه له، وأيضا بناقل هذا المحتوى، أي النص ورقيا كان أو رقميا، وفي ذلك تقول د. بن سليمان: «لقد ارتأينا أن نبحث في ما يشير إلى أنواع الجسور الممدودة بين المؤلّف والمؤلّف له من خلال تحليل طرق التّداول والتّفاعل السّردي في أشكال مختلفة ورقيّة ورقميّة. فالجوانب التّقنيّة وطرق البثّ تؤثّر في طرق التّلقّي، لأنّ الكتابة المطبوعة في ورق تكون مقروءة بطريقة مختلفة عن الكتابة فطبع النّصوص ونشرها يختلف عن بناء النّصوص التّفاعلية في الشّبكة العنكبوتيّة وفي الحواسيب وفي المحامل الرّقميّ، بما يشير إلى تحوّل في طبائع الآداء اللّغوي والتّداول العلاميّ».
وتضيف «إذ أنّ الأداء اللّغوي قديما تعلّق بالسّحر، واقترنت معانيه بكلّ ما لطف مأخذه ودقّت تفاصيله. والفضائل السّحرية للعلامة تضخّمت بالنّزوع إلى تقديس الكلمة والإيمان بقوّتها. أمّا في المجال الرّقميّ فهو في تقديرنا معقود على الفتنة، لما فيه من تأثير غير مسبوق على المستخدم، تأثير ألهاه عن وجوده الواقعيّ وحوّله إلى كائن افتراضيّ».
وفي الكتاب حفر في المراحل الّتي مرّت بها هذه الوسائط، فالوسيط الورقيّ مرّ بمراحل عدّة، محافظا في مجال السّرد بالخصوص، على نصيب من سحره ورونقه، ذلك أنّ الرّواية الورقيّة مثلا، لها رونق قد لا يكون قابلا للتّراجع. أمّا الوسيط الرّقمي فقد وجّه نظرتنا إلى العالم بتأثير من مجلوبات الثّورة الصّناعيّة الرّابعة كالكمبيوتر والهواتف الذكيّة، كما لو أنّ الكون المعيش هو ذلك الّذي نراه عبر الوسائط ومن خلال الصّورة، خصوصا وأنّ الإبحار في الشّبكة واستنطاق ملامح النّص والإفصاح عن خيارات الخلق لا يمكن فصله عن توجيه آليّ للخيال، أي ربطه بالاشتغال الرّقمي المعقّد للآلة».
ترصد د. بسمة بن سليمان هذا السحر وهذه الفتنة عبر 219 صفحة، غاصت من خلالها في أفكار وأطروحات فلسفية عديدة، لكن بلغة سلسة وكتابة خالية من التعقيدات المصطلحية، فكان الأول الباب حفرا في ذاكرة التّأليف، وتضمن فصلان وخاتمة.
تحدثت الباحثة في الفصل الأوّل عن تشكّل الوعي السّرديّ والسّرد وتشكيل العالم، وهي المتخصصة في ذلك حيث حمل كتابها الأول عنوان «الهوية السردية للبطل»، فيما اختارت لكتابها الثاني عنوان «الجسد والسرد من الأيروسي إلى الموبيوسي».
وجاء الفصل الثّاني تحت عنوان «السّرد قاعدة التّأليف»، واختارت له الباحثة كنموذج توضيحي للآداب السلطانية حيث قدمت «قراءة في نماذج تمثيليّة من “لفخري في الآداب السّلطانيّة؛ (في البعد التّواصلي وبُنى النّصيحة – المتخيّل التّاريخي وتوجيه الخيال – الإيديولوجي وتوجيه الفكر)».
وخلصت في هذا الفصل بأن العلاقة بين المؤلّف والمؤلّف له في الآداب السّلطانيّة هي من أكثر العلاقات تأثّرا بتصريف القول والتّصرّف فيه، والتّواصل المباشر هو الضّامن لعدم حيادها عن الغاية الأصليّة من التّداول اللّفظي. وهو تداول يضطلع فيه الأديب السّلطاني بمهمّة التّرشيد ومنح المشورة، مستثمرا في ذلك ملكات تخييليّة غير مفصولة عن المرجع التّاريخيّ.
في الباب الثّاني تحدث الباحثة عن «المؤلّف له وعالم الورق». لقد ساهم المؤلّفون والكتّاب في تغيير العالم وتوجيه النّاس طيلة قرون، وهذا ما دعا إلى تشبيه فعل الكلمة المنطوقة والمكتوبة بالسّحر في معناه الاستعاري. حتّى أنّ العرب كثيرا ما ربطوا البيان بالسّحر لما له من قدرة على الاستمالة والتّأثير.
وخصّت الكاتبة الباب الأول من هذا الفصل بثلاث أفكار رئيسية هي: الورق والسّحر: أوّلا: الكتابة والتّعزيم، ثانيا: الورق والحرق. واختارت كنموذج تطبيقي «عجائب الدّنيا وقياس البلدان المنسوب لسليمان التّاجر»، «باب في البحر الّذي بين بلاد الهند والسّند وغوز وماغوز وجبل قاف وبلاد سرنديب وفَتْح أبو حبيش».
ثم انتقلت في الفصل الثاني إلى «الورق والتّداول»، «السّيمياء وضروب التّداول»، وفيه تناولت نموذجين، الأول «عجائب الدّنيا وقياس البلدان المنسوب لسليمان التّاجر»، ومن خلاله تحدثت عن «البوصلة اللّغويّة والبوصلة البحريّة (رسم خارطة البحار)»، و«عوالم الثّروة وثورة الخيال» و«هويّة الآخر في مرآة الاعتقاد».
أما التطبيق الثاني فكان نموذجا حديثا وهو رواية بيروت بيروت لصنع اللّه إبراهيم وضمنته عناوين: أ) أَكتُبُ لتراني، ب) مشاهدات وشهادات (الأرض الممزقة والخارطة الجريحة)، ت) قراءات ومواقف، أوجاع التّاريخ وجروح الذاكرة. لتختم الباحثة هذا الباب قائلة: «انتقينا في هذا الباب أثرين ورقيّين ورصدنا اشتغالهما في سياقين زمنيّين متباعدين. وانتهينا إلى أنّ المؤلّف مهما اختلفت تقنياته المستخدمة لوصف تفاصيل رحلته فإنّه حريص على إشراك مؤلّف له في ما ينظر إليه وما يشعر به وما يفكّر فيه. فالمسافر الحاكي في القرون الوسطي وجّه بوصلته اللّغويّة توجيها بحريّا راسما خارطة الجزر والبحار على هوى مخيّلته وهو يعيش تجربة جغرافيّة في مكان آخر مستعيرا أزمنة خرافيّة مستحيلة وأخرى ممكنة، وهو في الحالتين يدفع المتلقّي إلى التّصديق بما يتوهّمه أو بما يوهم بوجوده».
وتفسر الباحثة قائلة: «في رحلة سليمان التّاجر اجتمعت موارد الخيال على موارد المعرفة محقّقة التّجاور الّذي يصل المعقول بالخارق العجيب. وهذا ما يعكس ظلال السّرديات الكبرى في سرديّة صغرى تعاضد الأولى لتفسير العالم وتحديد هويّته، عبر دعوة التجّار، وهم قرّاء محتملون، إلى استكشاف مكوّنات الفضاء الّذي تجري فيه الأحداث، وتخيّل الظّرف الزّمني وأحوال المناخ الموصوفة. والفضاء قد منح بعدا جغرافيّا مرسوما بالكلمات في غياب الخرائط والصّور، بما يفصح عن علاقات تواصليّة معقّدة بين المؤلّف والمؤلف له شكّلها التّخييل الّذي رسم هويّة الغريب المختلف في مرآة الاعتقاد الّتي تضبط العلاقة بالآخر، مثلما توجّه مفهوم التّجارة. وكأنّنا بثورة الخيال قد صنعت مسلكا إلى الثّروة».
أمّا رحلة المتكلّم في رواية بيروت بيروت لصنع اللّه إبراهيم فلم تكن غايتها الاستكشاف المطلق أو التّجارة المربحة، وإنّما هي رحلة مؤلّف سعى أن يجعل القارئ يبصر بعينيه وقد حوّلهما إلى كاميرا لاقطة منساقة إلى متعة التّدقيق في التّفاصيل. فبعينه نجح في أن يريك ما لا يرى مباشرة، ونجح في أن يتكلّم لتراه كيانا متجلّيا على الورق، متنقّلا بين الأروقة والشّوارع، منخرطا في فوضى بيروت حدّ تنظيم زخمها.
فتأليف الرّواية، إذن، صُمّم تصميما حواريّا، حتّى نكاد نقول إنّ هذه الرّواية قد هيّأت على نحو مّا إلى نوع جديد من السّرد التفاعليّ، حيث أنّ بناءها يقوم على علاقة تفاعليّة بين النّصّ والصّورة بدلاً من التّسلسل الهرمي القديم الّذي يميل إلى محاذاة الكلمات. وكلّ عبارة يمكن أن تثير صورة في ذهن القارئ أوجاع التّاريخ وتفتح جروح الذّاكرة. ووراء تلك الجروح عدوّ كامن صنعته المواقف والاختلاف الإيديولوجيّ، مثلما صنع الاعتقادُ أعداء حقيقيّين وممكنين في رحلة سليمان التّاجر.
مهما كانت الطريقة الناقلة للقصة، وحتى مع التباعد الزمني، تلتقي كل القصص والروايات وفعل الكتابة عموما ضمن سياق التأثير والتوجيه مهما كان السياق. والرواية الرقمية لا تختلف عن نظيرتها الورقية في غاية التأثير وإن اختلفت في آليات التأليف.
في الكتابة الرقمية يتغيّر الوسيط وتتغيّر معه فنّيات التّأليف وآليّات اشتغال النصّ وتتكوّن صلات جديدة بين طرفي العمليّة التّواصليّة: المؤلّف والمؤّلف له. ولينجح في شدّ القارئ وفي فرض حضوره في هذا العالم المستجدّ والمختلف يحتاج المؤلّف، لا فقط إلى أن يكون متمكّنا من «قواعد القراءة الخطّية» ومن فن «القص والحبطة السردية» كما هو الحال في الكتابة الورقيّة، لأنّ «النصّ التّفاعليّ يمتاز بخاصّية التّشعب، وينهض على أسس بلاغة جديدة هي البلاغة الرّقمية الّتي تشترك فيها روافد عدة بصرية سمعية».
وللاستدلال التّطبيقي على ذلك اختارت الباحثة رواية تفاعليّة رقميّة بعنوان «تحفة النّظارة في عجائب الإمارة: رحلة ابن بطّوطة إلى دبي المحروسة» للكاتب الأردني محمّد سناجلة. تعتبر تجربة محمد سناجلة من أقدم التجارب العربية في مجال الكتابة الرقمية، وفي «تحفة النظارة» يبدو واضحا عمل المؤلّف على رفع منسوب الإثارة وخلق تفاعل سهل «الاندماج الكامل مع مؤلّف له من طينة جديدة، هو بالأحرى متصفّح أو مستخدم، تمكّن من أن يعيش تفاصيل رحلة افتراضيّة فيما هو قابع وراء الشّاشة لا يراوح مكانه».
وكان هذا التطبيق النموذج المعتمد في الباب الثّالث الذي جاء بعنوان «المؤلّف له في العالم الرّقميّ»، وتحدثت الباحثة في فصله الأول عن «الذّاكرة المصنّعة» ضمن ما اعتبرته «الثورة الصّناعيّة الرّابعة» فيما اختارت للفصل الثاني عنوان لافتا هو «الرقمنة الفاتنة». وتناول الفصل الأول من هذا الباب «بطانة السّرد التّفاعلي» فيما جاء الثاني بعنوان «كيمياء التّفاعل في الرّواية أو فنون ما بعد الحداثة».
وفي التطبيق على «تحفة النظّارة في عجائب الإمارة» تحدثت د. بسمة بن سليمان عن التّفاعل بين الصّورة والنّصّ والتّفاعل بين المؤلّف والمستخدم والقيم العربيّة والفكر العابر، وختمت الباب مشيرة إلى أن الصّورة في أشكالها الرّقميّة هي المرتكز المادّي الّذي ينهض عليه النّص الرّوائي التّفاعليّ بما يشير إلى أهمّية الإدراك البصريّ في تحقيق هذا التّفاعل من منظور وسائطيّ. وقد حققت رواية محمّد سناجلة ذلك باستدعاءه للقيم الضّوئيّة واستعماله للصّور الثّابتة والمتحرّكة والألوان المتغيّرة، فجمع بذلك الوصف اللّغوي مع التّشكيل البصريّ المعاضد بالأنغام والأصوات.
لكن، وفي لحظة ما تلتقي القراءة الرقمية مع القراءة الورقية في تحقيق المتعة. فمثلا رغم كلّ التّقنيات المتطوّرة في رواية تحفة النظارة واختلاف طريقة الكتابة، فإنها «أخذتنا إلى عوالم الحكي القديمة بسحرها وغموضها، فالرّواية متأصلة في سياق معقدّ متشعّب يمتدّ إلى جذور رحلة ابن بطوطة الضّاربة في القدم».
لكن، ما يُخشى هنا أن رقمنة السرد وطغيان المدّ البصريّ قد يؤثران على ملكات التّخييل اللّغوي، فمثلا رغم محاولة محمّد سناجلة محاكاة البلاغة العربيّة الكلاسيكيّة، في روايته الرّقميّة، فقد بدا ذلك «متنافرا مع المقام وعلى سبيل الباروديا الفكهة. وهذا ما يطرح في العموم مسألة الكتابة الرّقميّة وإشكالية اللّغة، وما ينزلق إليه التّأليف من انحصار اللّغة أمام الصّورة».
وتختم الباحثة رحلتها بين الورقي والرقمي فاتحة الباب أمام تساؤل مصيري وهو: «إلى أين يذهب بنا الذّكاء الصّناعي؟ مع ظهور برامج جديدة يزعم واضعوها أنّها قادرة على كتابة الرّواية والسّيناريو، فهل هذا ذكاء صناعيّ أم جنون صناعيّ؟ لأنّ الذّكاء الّذي يلغي مجهود العقل الطّبيعيّ هو، في تقديرنا، ضرب من الجنون فالمؤلّف كيان إنسانيّ أو لا يكون».
***
المؤلّف له في السرد… من سحر الورق إلى فتنة الرقمي؛ بقلم حذامي خريّف
حذامي خريّف؛ كاتبة وناشرة من تونس (دار خريّف)
الصورة: almawedalgadid.net