متابعات ثقافية

شهر مايو والاحتفاء بالسينما المصرية

تقرير: سماح ممدوح حسن

 يتسم شهر مايو بكثرة وتنوّع الفاعليات الثقافية في مصر، سواء كانت الفاعليات الأدبية أو الموسيقية أو على المستوى الفني مسرحياً وسينمائيا وهو ما سنركز عليه في التقرير التالي.

اليوبيل الذهبي لجمعية الفيلم السنوي

احتفل عشاق وصنّاع السينما في مصر خلال شهر مايو، باثنين من أهم مهرجانات السينما المحلية. الأول: مهرجان جمعية الفيلم السنوي للسينما المصرية. وفى هذه الدورة احتفلت الجمعية بمرور خمسين عاماً على تأسيس الجمعية “اليوبيل الذهبي”. ويأتي تميّز هذا المهرجان باختلافه عن أي مهرجان سينمائي آخر بأنه يتكون من لجنتين للتحكيم. وميزة أخرى هي أن مهرجان جمعية الفيلم المهرجان الوحيد الذى لا يتقدم إلى المشاركة به صنّاع العمل، بل أن إدارة المهرجان “أعضاء الجمعية” هم مَن يرشح من الأفلام المعروضة طوال العام الماضي. ثم تُحال الأفلام المختارة للجنة من المتخصصين في صناعة السينما وهؤلاء يتولون منح الجوائز في الفروع المخصصة لها كأحسن ممثل دور أول وثانِ، وجائزة الديكور والتصوير والمونتاج والموسيقى التصويرية وغيرها. يترأس هذه الدورة من المهرجان مدير التصوير السينمائي وأحد مؤسسي المهرجان محمود عبد السميع. ومِن بين 26 فيلم روائي طويل وقع الاختيار على 7 أفلام. يُذكر أن مهرجان جمعية الفيلم تم تأجيله فقط مرتين، الأولى أثناء ثورة يناير 2011، والثانية خلال جائحة كورونا.

فيلم مصر
مهرجان جمعية الفيلم، الصفحة الرسمية للمهرجان (facebook.com)

مِن اللافت للنظر اللمسات الجديدة للمهرجان سنوياً. وفي هذه الدورة مُنحت جوائز لفئات لم تكن من ضمن مَن يشملهم التكريم والجوائز عادة، كصنّاع العناوين وأفْشات الأفلام الدعائية، ومتخصصي المكياج. الجدير بالذكر أن المهرجان تأسس على يد ثلاثة من أكبر صنّاع السينما في مصر؛ سمير فريد، سامي السلاموني، ومحمود عبد السميع.

 تأتي خصوصية هذا المهرجان نظرا للمقاييس الفنية التي على أساسها تُختار الأعمال وهو المبدأ الذى سار عليه أعضاء الجمعية منذ إنشائها، على عكس كثير من المهرجانات السنيمائية التي تُعنى بشكل كبير بالنجاح الجماهيري أكثر من الجانب الفني كصناعة. ولهذا السبب تحديداً يتفاخر الفائزون بجوائزه بشكل خاص فهي تقدير للعمل فنيا وليس ماديا.

 أيضا مِن مميزات المهرجان تعريفه للمُشاهد والمتابع بطبيعة عمل أصحاب عناصر الصناعة، كالتعريف بعمل المونتاج أو كيفية صناعة موسيقة تعبر عن العمل وتتخلله بما يتماشى والمشهد المعروض وهذا ما يشرحه ويناقشه المتخصصين يوميا في الندوة التي تقام بعد كل فيلم يُعرض للزوار مجانا في مركز الإبداع الفني بدار الأوبرا طوال أيام المهرجان.

مهرجان المركز الكاثوليكي للسينما

وهو المهرجان السنيمائي الثاني والأعرق والذى ينتظره عشاق السينما والدراما سنويا بعد مهرجان جمعية الفيلم. ويحظى مهرجان المركز الكاثوليكى بمكانة مهمة وسط المهرجانات السينمائية ليس فقط لقِدمه حيث تأسس في 1952، لكن لطبيعته الخاصة التي على أساسها تُختار فيه الأعمال.

فيقتصر منح جوائز المهرجان على تلك الأعمال التي تتناول مشكلات وأفكار وموضوعات اجتماعية مُلحّة ومهمة. فمثلا منح المهرجان جائزته لأفضل ممثلة عن عمل درامي للفنانة “نيللى كريم” تقديرا لدورها فى مسلسل “فاتن أمل الحربي”، المسلسل الاجتماعي الذى تناول قضية تعاني منها الكثير من السيدات في المجتمع المصري ووضعهن بعد الطلاق وقضائهن سنوات طوال فى المحاكم فى قضايا كالولاية التعليمية للأطفال وقضايا الحضانة والإنفاق وغيرها. المسلسل الذى شارك فى إبراز تلك القضايا مع مشاهديه بشكل مباشر والذين تفاعلوا معه عبر منصات التواصل الإجتماعي وأيّد أصحاب القضايا صحة ما تناوله العمل على أرض الواقع، ورفع صوت المطالبين بضرورة تعديل قوانين الأحوال الشخصية التي وُضع الكثير منها منذ ما يقرب من المائتي عام مضت. ونتذكر أمثلة لأعمال فنية قديمة وحديثة، نجحت في إضاءة هذا النوع من المشكلات الاجتماعية. فمثلا فيلم “أريد حلاً، لفاتن حمامة” كان سببا فى تعديل قوانين الطلاق في مصر وإصدار”قانون جيهان”. وهي القضية التي أثيرت في البرلمان هذا العام بعد عرض مسلسل “تحت الوصية” للفنانة منى زكي.

أيضا منح المهرجان جائزة أحسن ممثل للفان “أحمد أمين” عن دوره فى مسلسل جزيرة غمام. الدور الذى أهتم بشكل محوري بالإنسان خيره وشره، نوازعه النفسية وتنمية أو طمس ما فيها من صفات إيجابية أو سلبية وإظهارها فى معاملة الناس، الدور الذى صرخ بأن التعايش الإنساني السلمي ليس له علاقة بالمكان والتاريخ والديانة والهوية. العمل الذى تناول، تاريخيا، قضية معاصرة كاالارهاب والتطرف واستغلال الدين لتحقيق المصلحة الشخيصة، ومايمكن فعله لكبح هذه الآفة.

الفاعليات الموسيقية

رغم أن النشاط فى دار الأوبرا المصرية لا يخبو، إلا أنه يزيد في موسميّ الربيع والصيف بشكل أكبر. وهناك بعض الحفلات التى ينتظرها الجميع فى هذا الموسم، حفلات الموسيقار “عمر خيرت” وحفلات المطرب”علي الحجار”. وكلاهما تألقا هذا الشهر بحفليهما المحتشدين بالجمهور كما العادة.

حفل عمر خيرت”الذي صدح بأجوائه البهيجة فى جنبات دار الاوبرا المصرية؛ الحفل الذى طالما أتسم بحضوره عدد كبير من المستمعين من طبقات مختلفة، كبار وصغار وأطفال. ومن المشاهد المميزة فى تلك الحفلات أن يكون الحضور صاخبا ربما غير منظم كالاطفال اللاهين مثلا، قبل دخول الأوركسترا إلى المسرح لكن حالما يتموضع الموسيقيون ويدخل عمر خيرت المكان تسود حالة من الهدوء الغير مصدّق ويبدأ العيش فى الحالة الموسيقية التى تنهمر من سماء المسرح. أيضا حفلات المطرب علي الحجار وهو الذى يتابعه مريديه من حفلات ساقية الصاوي إلى حفلات الأوبرا، حيث لا يشاركه جمهوره فقط بالاستماع لكن بالغناء أيضا، وهو ما عتاده المطرب والجمهور دون ملل.

وفى سياق آخر، شهدت الساحة الثقافية المصرية عدة تكريمات. كتكريمات رموز الأدب المصري من ملتقى الشارقة وهم أحمد شمس الدين الحجاجي، ومحمد زكريا العناني، وعبده جبير، وجار النبي الحلو. أيضا حصول دار العين المصرية برئاسة فاطمة البودي، على جائزة النشر والتقنيات الثقافية مَن جائزة الشيخ زايد، وكذا حصل الموسيقارعمر خيرت على جائزة شخصية العام الثقافية من الجائزة نفسها. 

خاص قناص – متابعات ثقافية

.

مجلة ثقافية تنفتح على أشكال الأدب والفنون في تَمَوجها الزمني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى