قصيدة للشاعرة العُمانية فتحية الصقري بعنوان «هكذا إلى ما لا نهاية»
قبلَ أنْ تُطفِئ الضَّوْء
قبلَ أنْ تمتدَّ يدُكَ لِتُغلقَ الباب
قبلَ أنْ تُغيِّرَ نغمةَ الهاتف
وقبلَ أنْ يغلبَ النعاسُ عينيكَ الجميلتين.
ربما قدْ يصمتُ الربيعُ، وقدْ يطولُ صمتُه
ولن يصبحَ مع النِّسيانِ صيفًا.
بالتدفُّقِ الساحرِ في الليالي المجنونة.
أعرفُ أنَّ بجانبِكَ الآنَ علبتي بيرةٍ فارغتين، على الأقلّ
ومنفضةٌ مليئةٌ ببقايا السَّجائر
ببطءٍ ولذَّةٍ، واحدًا تِلوَ الآخَر
وإنْ تبدَّلتْ الأشياءُ، وضاعت الأماني
كما تنادي صديقًا مُغادرًا، أو حبيبًا غائبًا.
يمكنُكَ أنْ تنسى، أو تتجاهلَ ما ستؤولُ إليه
يمكنُكَ أيضًا خَدْشَ بهجتِها بكلمةٍ غيرِ مقصودة
يمكنُكَ تمزيقُها بسكِّينٍ حادّ
يمكنُكَ أنْ تُطلِق عليها أسماءً، وصفاتٍ لا تشبهُها
ويمكنُكَ أنْ ترقصَ معها متماهيًا مع صورةِ العاشق،
الوسيمِ، اللطيفِ، الهادئِ، الودودِ، العَطُوفِ، كثيرِ التبسُّمِ، حلوِ اللسان.
ولن تطفوَ على السطحِ كقطعةِ فَلِّين
يمكنُنا مشاهدةُ تحليقِها الحُرّ
في السهولِ الخضراءِ الممتدَّة،
بينَ حينٍ وآخَر؛ لكن لا يمكنُنا التقاطُها، أو لَمْسُها مرَّةً أخرى.
مثلَ قلْبٍ حالمٍ يَشِعُّ بينَ الغيوم.
ستتقاطر، كسِرْبٍ من الطيور، وسْطَ الزُّرْقةِ الهائلة
ستمرُّ مختالةً ببهائِها في الذاكرة
متَّقدةً، محفوفةً بالمَسَرَّات
كحبَّاتِ المطرِ العالقةِ في ذرَّات الهواء
كالنسائمِ الباردةِ التي تهبُّ في النهاراتِ الحارقة
كلونِ البحرِ الشفَّافِ في الصباحِ الباكر
كمذاقِ النبيذِ المُعَتَّقِ في السهراتِ الصاخبة.
ربَّما قدْ يصمتُ الربيعُ،وقد يطولُ صمتُه
ولن يصبحَ معَ النِّسيانِ صيفًا.
- فتحية الصقري: شاعرة عُمانية؛ صدر لها: «جمهور الضحك» 2016، «أعيادي السرية» 2014، «قلب لا يصلح للحرب» 2014، و«نجمة في الظل» 2011.