ليلة صافية وهواؤها منعش. أسير في أحد الشوارع العبقة برائحة القهوة الزكية، نسمات الريح الخفيفة تداعب وجنتي. أحمل بيدي دفتري، مغلف بقطعة قماش من القطيف لونها أسود داكن كما لون القهوة التي أشتم على ما يبدو، على الجوانب إطار مزخرف بحبات اللؤلؤ وقلم..
وقفت على عتبة أحد المقاهي، فضولي قادني لتذوق تلك القهوة التي تملأ رائحتها المكان. وبعد وقوفي لعدة دقائق، هممتُ بالدخول فوقع نظري على أحد المقاعد المطوية في زاوية المقهى، وعلى وجه السرعة تقدمتُ نحوه وجلست. تردد لمسامعي صوت يقول أهلاً بك سيدتي، ما طلبك؟ قلت أريد فنجاناً من القهوة سُكَّرها معتدل، انحنى المتحدث مُرحباً بي ثم انصرف. لقد كانت تلك اللحظات هي المرّة الأولى التي أتذوق فيها طعم القهوة.
سمعتُ صوت أقدام تتجه نحوي، لكني لم التفتْ. فجأة جاء صوته: أهلاً بك سيدتي. رفعت رأسي بهدوء، وإذ بشاب وسيم يقول: هل تسمحي لي بالجلوس؟ جاوبته بصوت منخفض نعم تفضل. فجلس على المَقْعَد أمامي دون أن يزيد على ما قال حرفاً.
بعد لحظات خرجت من المقهى دون أن أرتشف قهوتي، بوجنتين مُحمرتين.
خاص مجلة قَنّآص
شيماء النجّار؛ كاتبة فلسطينية