صدر حديثا

خطوات على مسطبة اسمنت حديثة الصبّ: مختارات شعرية لـِ منذر مصري

مختارات شاملة للشاعر منذر مصري: رسوخ الأثر في الكلام والمكان!

إذا كان آرتور رامبو «عابرًا بنعال من ريح» فإن منذر مصري يعبر تاركاً آثار خطواته على مسطبة اسمنتية لم تجف بعد. هكذا يختار صاحب «بشر وتواريخ وأمكنة”» لمختاراته الشعرية الجديدة، التي تشكل الخلاصة الأشد شمولاً لتجربته الشعرية الطويلة والمتعددة الأطوار، عنوانًا لافتاً هو: (خطوات على مسطبة اسمنت حديثة الصبّ) في إشارة واضحة إلى وضوح الأثر ورسوخه، في الكلام والمكان على حد سواء! وهو الشاعر المديني، ولادة ونشأة ومصيراً، الذي لم يغادر مدينته، اللاذقية، طوال سنوات الحرب السورية الدامية، احترق فيها مرسمه (مزاره الشخصي) مرة، وغرق مرات، وتعرّض شخصياً لأخطار محققة من كل صنف ونوع: «حيث لا ندم ولا مأثرة. بقيت كبقية الأشياء الباقية».

تشمل المختارات التي أشرف منذر مصري بنفسه على اختيار نصوصها من إحدى عشرة مجموعة شعرية صادرة، وواحدة (قصائد من الحفرة) غير صادرة بعد، على مدار ما يقارب النصف قرن، مختارات يرى الشاعر، أنها تعكس إلى حد كبير تجربته الشعرية وفرادتها، ماضيا وحاضرا، قدم لها بما يشبه بياناً شعرياً، حول رؤيته للشعر، وموقعه في حركة الشعر السوري والعربي المعاصر، سيما وأن صاحب «مزهرية على هيئة قبضة يد» مختاراته الأولى/1997/ يعدّ أحد أبرز الأسماء الشعرية في الشعر السوري، والعربي الحديث.

تصدر المختارات عن دار راية للنشر والترجمة، بفرعها الجديد في بيروت، ضمن سلسلة تحتفي بأبرز التجارب الشعرية العربية المعاصرة، وهي السلسلة التي انطلقت بمختارات للشاعر اللبناني عباس بيضون، تبعتها مختارات للشاعر اللبناني عبده وازن، وتأتي مختارات مصري لتكون العنوان الثالث في سلسلة تطمح إلى تقديم مكثّف لأبرز التجارب الشعرية العربية في النصف الثاني من القرن العشرين.

ويرى صاحب «الشاي ليس بطيئًا» في تقديمه للمختارات أنّ المعضلة التي كان لها الدور الأوّل والأخطر، في إعاقة نشر شعره، هي.. شعره بالذات! شعر هو نثر بكلّ معنى الكلمة! يقصّ ويحاور ويصف ويكثر من التفاصيل، بل يسهب ويهذر! واقعي، مادي، رافض لما يعرف أنّه لغة شعرية، جاحد بأدوات الشعر وأغراضه الأشد أصالة، فلا خيال ولا مبالغات ولا ادعاء لبطولة أو تضحية! حقيقي، يحرص ما بوسعه أن يكون صادقًا: «علينا أن نبعد الكذب عن شعرنا كما نبعده عن حياتنا». مقتصد لحدّ التقتير بالاستعارات والصور، يوقع قصيدة النثر في أخطر مطبّاتها: السردية! أيّ كان، وكأنّه عدوّ حقيقي للشعر، لا هدف له سوى تخريبه وتقويض مملكته.

الجدير بالذكر أن المختارات صدرت في بيروت، وستكون ضمن العناوين الأساسية التي تعمل دار راية للنشر على نشرها استعدادًا لمشاركتها، لأول مرة، في معرض بيروت الدولي للكتاب، الذي ينطلق في العاصمة اللبنانية مطلع اكتوبر/ تشرين أول القريب.

قنّاص – صدر حديثا

مجلة ثقافية تنفتح على أشكال الأدب والفنون في تَمَوجها الزمني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى