حواراتمسارات

هاروكي موراكامي: استخدم فيتزجيرالد الرومانسية كما لم يستخدمها أحد | ترجمة: عاطف الحاج سعيد

أجرتْ صحيفة مانيشي شيمبون اليابانية مؤخرًا مقابلةً مع الروائي الياباني الشهير هاروكي موراكامي، 73 عامًا، في طوكيو وذلك لأول مرة منذ عامين. نُشرَ الحوار على جزأين في موقع الصحيفة الالكتروني. فيما يلي ترجمة للجزء الأول منه والذي نشر بتاريخ 18 مايو 2022م وتحدث فيه موراكامي عن ترجمته لرواية ف. سكوت فيتزجيرالد “آخر العمالقة” إلى اللغة اليابانية التي صدرت في شهر أبريل 2022م، وعن إعجابه بعملاق الأدب الأمريكي فيتزجيرالد.

مانيشي شيمبون: لقد قمتَ بترجمة رواية فيتزجيرالد “آخر العمالقة” إلى اليابانية، والتي صدرت مؤخراً في شهر أبريل. يبدو أنك كنتَ حريصًا على ترجمة أعمال فيتزجيرالد بما في ذلك روايته الكلاسيكية “غاتسبي العظيم” وذلك منذ أن ترجمتَ مجموعة مقالاته “مدينتي المفقودة” التي نُشرت عام 1981، عقب صدور روايتك الأولى مباشرةً.

هاروكي موراكامي: نعم، لقد قمت بترجمة عدد كبير من أعمال فيتزجيرالد وقمت بنشرها بعد ذلك.

غلاف النسخة اليابانية لرواية (آخر العمالقة)

مانيشي شيمبون: هل كنت تخطط، خلال وقت طويل، لترجمة رواية “آخر العمالقة”؟

هاروكي موراكامي: لا لم أخطط لذلك. كنت أفكر، بالنسبة لعناوين مثل “غاتسبي العظيم”، أنني يجب أن أكون الشخص الذي سيقوم بترجمتها، لكنني كنت أناقش مسألة ترجمة رواية “آخر العمالقة”. لم أكن متأكدًا من مسألة قيامي بترجمة رواية غير مكتملة، لكن بعد ذلك عندما أعدت قراءتها، أدركت أنها مكتوبة بصورة جيدة، على الرغم من أنها عمل غير مكتمل، ثم بدأت في ترجمتها.

مانيشي شيمبون: تم إصدار ترجمة جديدة من رواية “محبة آخر العمالقة” عن دار نشر كامبريدج في عام 2020م، لكنك أردت ترجمة النسخة الصادرة عن منشورات ويلسون، أليس كذلك؟

هاروكي موراكامي: نعم، طبعة إدموند ويلسون. كنت أرغب باستخدامها لترجمتي. إلى جانب ذلك، كانت النسخة الأولى التي قرأتها من إصدار دار نشر ويلسون. لا أستطيع أن أقول أيهما جيد وأيهما سيئ، لكنني شخصياً أفضل بكثير نسخة منشورات ويلسون.

مانيشي شيمبون: هل تقصد أنه على الرغم من أن منشورات ويلسون قد أجرت تنقيحًا لأجزاء من الرواية، إلا أنها لا تزال عملاً مكتملاً كرواية؟

هاروكي موراكامي: نعم. إذا كنت سأموت بينما وصلت إلى منتصف كتابة رواية ما، فربما وددت أن يقوم شخصًا موهوبًا بتنقيح عملي. أتخيل أنني سأكون ممتنًا لأن يخضع عملي للترميم قبل نشره، بدلاً من نشر (المسودة) غير المكتملة التي تركتها ورائي كما هي.

مانيشي شيمبون: كنت تكتب رواية “يوميات طائر الزنبرك” عندما بلغت 44 عامًا، نفس السن التي توفي عندها فيتزجيرالد، وكتبت أنك تعتقد أنه سيكون بمثابة خيبة أمل كبيرة إذا مت دون إكمال تلك الرواية.

هاروكي موراكامي: أعتقد دائمًا أنه سيكون من المؤسف أن أموت أثناء كتابتي لرواية طويلة. أنا من نوع الكتاب الذين يعيدون الكتابة لمرات، لذلك سيكون من الصعب للغاية إذا لم تتح لي الفرصة لإعادة كتابة عملي. أعتقد دائمًا أنني أرغب في البقاء على قيد الحياة حتى يكتمل العمل تمامًا وتسليم (المسودة النهائية) إلى المحرر الخاص بي. إذا قرأت رواية “آخر العمالقة”، يمكنك القول بأن فيتزجيرالد كان يكتب بينما يعود للخلف لمعالجة الأجزاء المكتوبة. ونظرًا لأن العمل الذي تركه يمتاز بجودة عالية، فأنا أفترض أنه كان يكتب قليلاً ثم يعود لمراجعة ما كتب قبل الانتقال إلى الجزء التالي، ثم يكتب جزءاً آخر ويراجعه قبل المواصلة في الكتابة، وهكذا. لكن طريقتي مختلفة، فأنا أستمر في الكتابة حتى النهاية ثم أعود إلى البداية لأعيد ما كتبت.

مانيشي شيمبون: أتظن أنه إذا تم فيتزجيرالد كتابة رواية “آخر العمالقة” لكانت تحفة أدبية، أليس كذلك؟

هاروكي موراكامي: أعتقد أنها كانت ستكون واحدة من أعظم الروايات في تاريخ الأدب الأمريكي.

مانيشي شيمبون: مونرو ستار، بطل رواية “آخر العمالقة”، مُستوحى من شخصية إيرفينج ثالبرج، المنتج الهوليوودي الأسطوري.

هاروكي موراكامي: في أعمال فيتزجيرالد، عادة ما يكون هناك رواة يروون قصص الشخصيات البارزة. ما لم تروى هذه القصص من قبل شخص ثالث، فمن الصعب فهم من هو مونرو ستار. لا يمكن سرد قصته على لسان المتكلم. إنها قصة بطل أمريكي، قصة حب.

مانيشي شيمبون: في رأيك ما الذي يميزك عن فيتزجيرالد؟

هاروكي موراكامي: يعجبني أن هناك إحساسًا قويًا بالرومانسية في قصص فيتزجيرالد. أعني الكتابة عن قلب يرغب بشدة في شيء ما؛ يمكن أن يكون هذا الشيء ثروة أو امرأة. وفي العديد من قصصه، يسعى أبطاله وراء رغباتهم وأحيانًا ينالونها. لكن عندما يحين الوقت الذي ينالون فيه ما ظلوا يسعون إليه، يكون قد فقد بريقه، أو أن يدفع أبطال قصصه أنفسهم إلى تدمير ذواتهم من خلال الهوس بهذه الرغبات، وفي كلتا الحالتين، تبدو النهاية كئيبة. ولكن حتى لو كانت نهاية كئيبة، فمن الواضح أن هذه القصص تنقل الطاقة التي تم ضخها في مطاردة شيء ما، أو شيء مثل قوة الحياة. نادرًا ما أصادف أدباً حديثاً يصور تمامًا، مثلما فعل فيتزجيرالد، هذه الرومانسية.

رابط الحوار

عاطف الحاج سعيد: روائي ومترجم من السودان

خاص قناص

مجلة ثقافية تنفتح على أشكال الأدب والفنون في تَمَوجها الزمني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى