مهرجان الشعر العالمي يمنح منظورا جديدا للصين
الرسالة الجمالية للشعر، وتمرير رسائل حضارية وإنسانية بشأن دور الآداب والفنون وعناصر القوة الناعمة في تعميق التواصل بين الشعوب، وتعزيز التآلف والسلام والصداقة والمحبة بين البشر من أجناس وأديان وثقافات مختلفة.
نظّم المهرجان اتحاد الكتّاب الصينيين، بحضور وزير دائرة الدعاية تشاو شينغ وكبار المسؤوليين الرسميين والحكوميين الصينيين. وإلى جانب أمسياته الشعرية (باللغات الأصلية للشعراء والترجمة الصينية)، فقد شهد المهرجان عقد ملتقى أكاديمي حول «الابتكار في الشعر» في أربع جلسات تخصصية. كما أطلق المهرجان أنثولوجيا شعرية باللغة الصينية تتضمن نصوصًا مختارة للشعراء المشاركين من دول مجموعة بريكس الاقتصادية.
«معًا دائمًا تجمعنا القصيدة من سائر أرجاء الأرض»، لافتة عريضة انسجم تحتها أكثر من سبعين شاعرًا وشاعرة من دول متنوعة، في المهرجان الشعري العالمي الذي أقيم مؤخرًا على مدار أسبوع في مدينتي بكين وهانغتشو بجمهورية الصين الشعبية، بمشاركة عربية فاعلة.
توزّعت قراءات الشعراء وجلسات الملتقى الأكاديمي على أمكنة عدة، لإتاحة الفرصة للقاء جمهور الشعر في أكثر من مدينة وموضع، خصوصًا في المناطق الطبيعية والأثرية والتاريخية البارزة في الصين، وعلى رأسها: سور الصين العظيم، والمدينة المحرّمة، والقصر الإمبراطوري، في بكين، والبحيرة الغربية والمكتبات الثقافية العريقة في هانغتشو، ومتحف تشجيانغ للتراث الثقافي الدولي غير المادي، ومتحف ليانغتشو للقطع الأثرية العتيقة، وغيرها.
جاء الشعراء المشاركين من دول عربية وأخرى: إيران، الهند، البرازيل، روسيا، إثيوبيا، جنوب إفريقيا، بالإضافة إلى عدد من الشعراء الصينيين، من أجيال متعاقبة، ممن يراهنون على التجديد والتجريب في كتابة القصيدة المعاصرة.
وتناول الملتقى الأكاديمي رؤى متعددة حول الابتكار في الشعر، وسط مستجدات العصر الحديث، مع إطلالات وافية على فضاءات قصيدة النثر، وميدان الشعر الأدائي، الذي يتمتع بخصائص مسرحية عند إلقائه وتجسيده حركيًّا.
وفي ورقته «الرقمية كمصنع للدهشة وإنتاج الحياة والإبداع»، تناول الشاعر شريف الشافعي تأثر الكتابة الشعرية بالرقمية وثورة التكنولوجيا والاتصالات والنشر الإلكتروني ومدارات الإنترنت وتطبيقاتها ووسائل التواصل الاجتماعي وغيرها من تجليات الألينة والحاسوبية. وذهب إلى أن هذا التأثير يتسق مع تأثير الرقمية على حركة الحياة ذاتها، باعتبار الرقمية فلسفة ونسقًا حاكمًا ومتنًا وتطبيقًا وانشغالًا وممارسة وأسلوب تفكير واستشعار، وليست هامشًا في الحياة أو خلفية للنص الإبداعي.
وتحدث الشاعر محمد المتيم في كلمته بحفل الختام عن معنى اقتراب الإنسان من الإنسان، عبر جسر من الشعر، وكيف أنعشت الرحلة الاستثنائية إلى الصين ذلك الولاء الروحي القديم والأصيل للطبيعة، للشجر، للأنهار، مستعيدًا مقولة الشاعر الصيني رين هانغ (1987-2017) «الطيور تعيش في المدينة، فلماذا يُصر الإنسان، على عدم العيش في الغابة؟!».
***