أحبار التُرجُمانمكتبة بورخيس

عتبتي تشتعل: مختارات شعرية لِـ بربارا گرُوشْكا- زيخ | ترجمة هاتف جنابي

قصائدي لا تغير العالم/ لكنها تغير عينيك

مختارات شعرية من دواوين مختلفة للبولندية بربارا گرُوشْكا- زيخ Barbara Gruszka-Zych

مقدمة المترجم

بربارا گروشكا – زيخ: ولدت سنة 1960 ببلدة (تَشلاج) الواقعة بمقاطعة شلونسك في جنوب غرب بولندا. شاعرة شفافة، ولها قصائد كثيرة مستلة من الحياة اليومية، وأخرى ذات طابع ميتافزيقي-تأملي، وهي صحفية وناقدة بولندية. صدر لها أكثر من عشرين مجموعة شعرية، وكانت مجموعة «إلى (لـِ)» المنشورة سنة 2021 آخر ما صدر لها. منذ ما ينوف على الثلاثين سنة تعمل محررة في أسبوعية «ضيف الأحد». وهي مؤلفة ربورتاجات صحفية وحوارات مع شخصيات أدبية وفنية وثقافية مهمة. صدر لها كتاب «شاعري» عن الشاعر (تشيسواف ميووش)، و«حياة رائعة. بورتريه فويتشيك كيلار» وهو موسيقي بولندي معروف جدا. و«حياة عائلية»، عن المخرج السينمائي البولندي (كشيشتوف زانوسّي). و«شخصياتي المهمة. بورتريهات خاصة».

اعتبر الناقد الأدبي البولندي المعروف (توماش بُورَك) مجموعة بربارا گرُوشْكا الشعرية «رمادية كالعصفور»،(2021) إحدى أهم عشر مجموعات شعرية صادرة في بولندا بعد العام 1989.

نالت بربارا گرُوشْكا عديدا من الجوائز على نشاطها الصحفي وكتابة الربورتاج، ودخلت في كثير من الأنطولوجيات الشعرية البولندية. ترجمت قصائدها إلى الروسية والليتوانية، وحصلت على عدة منح خارج بلادها، وكانت آخرها في سويسرا (2014). من يتابع حركة الشعر البولندي، خاصة ما تكتبه المرأة، يلاحظ كثافة نشاط الشاعرة بربارا في العشر سنوات الأخيرة. وهي كما يرى القارئ شاعرة جريئة وحسية في كتابتها. نقدمها إلى القارئ العربي لأول مرة، عبر نصوص قصيرة مثيرة مكثفة مفعمة بالشعر والجرأة. معظم قصائدها بدون عناوين، ولذلك وضعنا لها أرقاما، وهي عبارة عن منتقيات من منتخبات شعرية أعدتها الشاعرة أساسا وأرسلتها لي.

1.

الحُب

ثمة مَنْ حطّمَ

إبريقا ممتلئا بالنار

فوق رأسي.

من ديوان «الشرب من الماء الأول»، 1989

2.

٠ ٠ ٠

أحبُّ وأجلس

أحب وأقرأ

أحبّ وأتأمل

كما لو أنني لا أعرف أن أحب.

من ديوان «ورود الماء الأول»، 1989

3.

٠ ٠ ٠

لم يحدث أي شيء

لكن لماذا ننظر إلى بعضنا البعض

بشفاه منفرجة

كما للتقبيل.

من ديوان «أرض خاصة»، 1994

4.

شجار

يدكَ

سمكة مذهولة

قفزت بيننا

طلبا للمطرقة.

من ديوان «أرض خاصة»، 1994

5.

ثقة

جدتي

عليها أن ترحل

تركت على الطاولة

نظارتها المُضببة.

من ديوان «أرض خاصة»، 1994

6.

٠ ٠ ٠

عندما لا أراك تصبح الأيام ميتة

أنظرُ إلى نفسي بفضول

ما الذي ترى فيّ أنت.

من ديوان «لم أي شيء»، 1995

7.

٠ ٠ ٠

نحدق في أعيننا بلا حياء

لكن ألا يشعر الجالسون على الطاولات المجاورة

بالإحراج في الأكل

ونحن نمارس الحبّ

أمام صحن غير ممسوس.

من ديوان «أرض خاصة»، 1994

8.

٠ ٠ ٠

لا تشحْ وجهك عني

حتى ولو للحظة

فأنا امرأة عادية

بعينين عاشقتين.

من ديوان «أرض خاصة»، 1994

9.

٠ ٠ ٠

لا يمكن أن يقال أي شيء

الثلج كالإصبع على شفتي الأرض

نحن نشبك يدينا بهدوء

عمري خمس سنوات

بقدر عمر ابنيَ الماشي معي.

من ديوان «أرض خاصة»، 1994

10.

٠ ٠ ٠

نسير عبر الحقول

من هنا يمكن أن تأخذ المدينة بأكملها في يدك

حتى كنيسة طولها مئة متر

– أكيد هي لا تستوعبني-  

يقول (بواجي) الذي قلّما يقصدها

 إنها الكنيسة التي تتبعه.

من ديوان «أرض خاصة»، 1994

11.

٠ ٠ ٠

أخلع كلّ فساتيني

كلّ ترددي

تنطفئ الأضواء

تشتعل عتبتي.

من ديوان «عتبتي تشتعل»، 1997

12.

أنا من الحجر

لي قلب من الحجر

لهذا لا أتحجر من الخوف

لا أحتاج للأكل والشرب

لأن الأحجار لا تكبر، بل تتضاءل

لا أعوّل على الشمس ولا المطر

لأنها لا تدفئني وذاك لا يصيبني بالبرد

لا أحد يحسدني في النهاية

لأن ما سيبقى حجر على حجر

أنا حجر حول رقبتك

اقطعني على البئر

وأنا بهدوء سأكون كالحجارة في الماء.

من ديوان «عتبتي تشتعل»، 1997

13.

أعمال منزلية

مسحت النافذة

مسحت الشمس

الضوءَ على الأجهزة

وأوجهَ الأطفال،

مسحت نفسي.

من ديوان «عتبتي تشتعل»، 1997

14.

جميع الرجال الذين يمرون في القطار

ينظرون إلى الفتاة بجانبي

أنا مستاءة من نفسي

لأنني سمحت بكل شيء للوقت

ربما سيكون من المفيد أن نتبادل المكانين؟

من ديوان «عتبتي تشتعل»، 1997

15.

في قطار مسرع عند الساعة الرابعة صباحا

شخصان متعانقان وسط المقصورات الفارغة

-لا تتركني- يتهامسان بين قعقعة العجلات

يقبلان عيني بعضهما البعض والغضون حول الشفتين

يجف الندى على العشب وسقف العربة

بعد لحظة ستأتي المحطة ويحين وقت الفراق

وما زالا يضغطان على أيديهما ويلمسان خفايا الفمين

مع أنهما سيموتان من الجوع بعد لحظة

ويحصلان على الهدوء، بعد كل شيء هما عاشا

من أجل أن يقطعا ساعتين سريعتين بالقطار. 

من ديوان «عتبتي تشتعل»، 1997

16.

في الصباح بعد انقضاء ليلة ليس لي جسد

تسميه من جديد لمسات،  

لهب البطن، بلورات الأظافر، تفاحة الذراع،

ما زلت لا أعرف المشي الجلوس ولا القراءة

لا تنسَ العيون.

من ديوان «عتبتي تشتعل»، 1997

17.

٠ ٠ ٠

أملكك في عينيّ

وفي أذنيّ

على طرف الشفتين

وأنا أتردد

هل ألعقك باللسان!

من ديوان «عتبتي تشتعل»، 1997

18.

٠ ٠ ٠

أنا أمسك يدك

أنظر في عينيك

لا قبلات لا أنخابَ ولا شموع

العيد وحيد.

من ديوان «عتبتي تشتعل»، 1997

19.

٠ ٠ ٠

استيقظت في الليل

تناولت فورا شريحة من السردين

مثل هذا الجسد المنهمك

لن يخطر على باله أن يموت.

من ديوان «عتبتي تشتعل»، 1997

20.

٠ ٠ ٠

جسد في جسد

كحجارة في الماء

لن تجد أثرا

على أنهما كانا اثنين.

من ديوان «عتبتي تشتعل»، 1997

21.

صورتا ولديّ

(بواجي) ابني الأصغر يبتسم بسخرية

(تيمك) ينظر بتأمل كما لو كان يعرف

أن كل واحد سيتحول إلى صورة عاجلا أم آجلا.

من ديوان «ذباب وناس»، 2008

22.

أبي

لم يعد أبانا ولا أبي

يصغر مرة إثر أخرى

كما لو أراد من جديد

أن يجيء إلى العالم

 ليس من هذا العالم.

تستوعبه عين واحدة

ولا يستطيع الخروج منها

بأي دمعة.

من ديوان «رمادية كالعصفور»، 2012

23.

٠ ٠ ٠

قصائدي لا تغير العالم

لكنها تغير عينيك.

من ديوان «جهاز معالجة المياه»، 2015

24.

٠ ٠ ٠

لا أعرف لغاتٍ أجنبية

لنبدأ بالتقبيل

الشيء الجيد أنني أعرف لغتك.

من ديوان «لا نوجد في السجل»، 2017

25.

٠ ٠ ٠

قال: أفكر في السيدة كثيرا

وأنا أنسى السيد كثيرا

لكن عندما يقترب السيد مني

مثل أغنية للإثارة في الحلق

أفرح لأنني ربما سأبكي ذات يوم على السيد.

من ديوان «لم أردْ أن أقول لك ذلك»، 2019

26.

٠ ٠ ٠

أمسية شعرية

الصفوف فارغة

كل المقاعد مشغولة

من قبل أرواح الموتى

فبأي لغة يجب أن أقرأ لهم قصائدي؟

من ديوان «إلى»، 2021

***

عتبتي تشتعل: مختارات شعرية للبولندية بربارا گرُوشْكا- زيخ؛ ترجمة هاتف جنابي

الشاعر والمترجم العراقي هاتف جنابي

بربارا گرُوشْكا

خاص قنّاص – أحبار الترجمان

المحرر المسؤول: زاهر السالمي

تعليق واحد

  1. مختارات موفقة تعطينا صورا من عالم الشاعرة وا اهتماماتها . سيكون مفيدا ترجمة قصائد كاملة لنتعرف أكثر عليها فترجمة اعمال عن الأدباء والشعراء البولنديين شحيحة..تحية للشاعرة وتقدير كبير المترجم..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى