تواصل مجلة «قناص» في زاوية «خطوة على طريق النشر» نشر شهادات الكُتّاب عن حيثيات الدخول إلى عالم النشر. هنا شهادة الزميل عبدالله مكسور، وهو كاتب وروائي سوري:
منذ أن كنتُ طالباً في الجامعة، راودتني فكرة الكتابة، بل بدأت حقيقة ببناء قصة استمرت بعد ذلك سنوات، لم أكن أمتلك حينها الأرضية الصلبة للانطلاق في عوالم السرد وتقاطعاته، حتى نتج عن ذلك المخاض بعد سنوات رواية أولى لا تتجاوز المائة وخمسين صفحة، كنت مندفعاً لفكرة النشر وفي بعض الأحيان أخفيت المسودة الأولى كي لا ترى النور، ولا أُخفي أني حينها لم أكن أدرك تماماً حجم المسؤولية التي يُلقيها كِتابٌ على عاتق الكاتب.
كنت مدمناً على معارض الكتب، أسافر لأجلها من مدينة إلى أخرى وخلال أحدها تعرفت عن طريق الأستاذة في العلوم السياسية رفقة شقور إلى ناشر تبنّى المشروع وعمل على تقديمه، اليوم بعد أكثر من ١٠ سنوات أنظر إلى تلك التجربة على أنها الخطوة الأولى التي لا بد لكل كاتب بالعربية أن يعبر بها، يدفع الكاتب العربي مالاً مقابل كتابه الأول وربما في حالات أخرى للثاني والثالث، وما زلت إلى اليوم أتساءل لماذا يدفع الكاتب العربي مالاً مقابل أن يصدر له عملاً أدبياً؟.
هذه العلاقة بصيغتها السابقة بين الناشر والكاتب لم أجدها إلا في عالم النشر العربي الذي يرضخ لاعتبارات عديدة ومتنوعة؛ الكاتب هو الطرف غير الرابح بها دوماً.
كل كتابٍ يصدر هو كتابٌ ناقص في نظر الكاتب، يحتاج دوماً إلى المزيد من التنقيح والتجويد، في الكتاب الأول كانت فكرة تحرير النص والاشتغال عليه من محرر أدبي ترفاً ليس في المتناول، بعد ذلك تعاملت مع دور نشر لها باع طويل في فكرة التحرير الأدبي وهذا انعكس يشكل حقيقي ومباشر على جودة المُنتج بصورته النهائية وتلقيه لدى القارئ.
الكتابُ الأدبي الأول كتابٌ مظلوم لعدة أسباب أبرزها رغبة المؤلف في أن يكون على خارطة الكتابة بلغته، وسعيه المتعجِّل للتخلُّص من حمولةٍ ثقيلة وضعها في حِجره فترة غير قليلة من الزمن، وليس آخرها إصرارٌ ذاتي على ترسيخ الاعتراف لنفسه قبل غيره بأنه قادرٌ على خوض غمار عملية الإبداع حتى آخر محطاتها.
تسألني اليوم هل أنت راضٍ عن إصدارك الأول؟، أقول: في الظروف التي خرج بها إلى النور نعم، لكن على صعيد النتاج الأدبي ككل لا، الرواية تلك بنت ظروفها الموضوعية والمعنوية وهي ملك القارئ اليوم.