رواية «ثلج تحت الشمس» كانت من ضمن إصدارات معرض القاهرة الدولى للكتاب 2023، للكاتبة المصرية الشابة أميرة علام، عن دار أكوان للنشر والتوزيع.
تحكي رواية «ثلج تحت الشمس» عن “هاشم” الذى عاش أغلب سنوات حياته وحيداّ. ماتت زوجته، وتزوجت ابنته “وردة” في مدينة تبعد عنه مئات الكيلو مترات، وهاجر ابنه الوحيد ولم يعد مرة أخرى ولا حتى يتحادثان.
بطل رواية ثلج تحت الشمس “هاشم” أصيب بمرض عاديّ بالامعاء (التهابات بالمرارة) ولما هاجمته الهواجس من أن يكون قد أصيب بمرض خطير، ورم خبيث، خاف أن يسأل الطبيب بنفسه، فأرسل الممرضة لتقوم هي بالمهمة، لكن الطبيب كان يتحدث على الهاتف فى تلك اللحظة يخبر أحدهم عن وصول أحد مرضاه للمرحلة الأخيرة في مرضه، لكن هاشم المتواري خلف باب الطبيب لم يَرَ أنه يتحدث في الهاتف وظن أنه يرد على الممرضة بما تفيده فحوصاته هو.
ومنذ ذلك اليوم عاش هاشم بالوهم وتكالبت عليه الأفكار السوداوية. هو يعيش وحيداً ومتيقنا أنه سيموت وحيدا ليَبْدأ في تذكر كل تلك الحالات التى سمع عنها من بشر ماتوا ولم يعلن موتهم إلا رائحة تعفن جثثهم.
تلاقتْ مصائر الوحيدين ذات يوم صدفة. يخرج هاشم من لدنّ الطبيب مصدوما بما سمع، خارت قواه فتلقّه وساعده صبي شارع قبل أن يسقط أرضا. كان الصبي “علي” الفتى الذي لا يُعرف له أهل، يرتعب من البشر، يرهب الزحام، مريضا بفقدان الثقة فى كل مَن حوله. أنتقل من بيت شخص يجبره على العمل كمتسول، ثم إلى دار للأيتام، وأخيرا إلى الشارع يأتنس بكلابه وتأنس به. تتلاقى طريق “علي وهاشم” وكان كل ما يتمناه هاشم ألا يموت وحيدا. وأتفق وعليّ على أن يعيشا سويا حتى توافيه المنيّة، وقد كان.
بمرور الأيام عرف كُلّا منهما أن لا حياة له من دون الآخر. فهاشم زالت عنه وحشة الوحدة وأطمئن أن خبر موته سيُشاع في لحظة موته بعدما أوصى عليّاً بالاتصال بابنته فور خروج روحه من جسده. أطمأنّ أنه لن يكون حالةً أخرى من الوحيدين الكُثر الذين سيخرجون من الدنيا كما دخلوا ولن يعلم بحالهم أحد. و”عليّ” أيضا، لأول مرة يطمئن لإنسان، آواه فى بيته وأطعمه وألبسه واتَمنه على نفسه. علّمه القراءة والكتابة، وعلّمه الحياة.
كتبت “أميرة علام” الرواية بطريقة تشبه تأريخ الأيام، ليست فصولا. واحد وعشرون يوما هي الأيام الاخيرة فى حياة هاشم والحياة الأولى على حقيقتها كما تعلمها “عليّ”. تجلت أمام هاشم في الواحد وعشرين يوما هذه معاني الحياة كافة، تشبث بكل أمل واسْتمسك بآخر أيامه بأظافره وأسنانه، فعل كل الأشياء التي خاف أن يلومه الناس عليها، ذهب للملاهي، لعب كالأطفال، شعر ورأى كل الجمال حتى في الاشياء الصغيرة التى كان غافلا عنها طوال حياته.
لكن الأهم من ذلك أنه عرف معنى الحياة وعلّمها لغيره. فبعدما كان يطمع فى أنيس واحد يتنبّه إليه فور موته، أنضمت إليه حفيدته “نور” فصار لديه بدل الأنيس اثنين، هما حقّاً صغار في عمر الطفولة، وبدايات المراهقة، لكنها كانا له خير عون. أحباه وأحبهم وتَخلّدت ذكراه في ذاكرتهم وصورة ثلاثتهم معا.
أمتلأت الرواية بالهواجس والمخاوف، بالأوهام والآمال. كلها تنتاب كل انسان يعيش فى العصر الحديث. لكن بالنهاية تنبهنا إلى النظر للأشياء بعين حميمية وأكثر تقديرا، قبل فوات الأوان.
أميرة علام: كاتبة مصرية، نشرت أولى روايتها ورقيا 2016 بعنوان “إيجبتوس”وتدور أحداثها حول ثلاثة أصدقاء يواجهون مشكلات كالبطالة والهجرة غير الشرعية. صدر لها أيضا في 2019 رواية “باريدوليا، فتاة اللوحة”. وفي عام 2020 “المدينة المتبدلة” و”مذكرات صبا”.