أرخبيل النصوصجُذْمور الشعر

زاهر الغافري.. هل خبرٌ قديمٌ رحيلُ غريبٍ بين نهرين؟ | زاهر السالمي

إنها صدمة الفقد ... رغم أنه عَوّدنا على حياة صميمها تِرحال !

زاهر الغافري.. هل خبرٌ قديمٌ رحيلُ غريبٍ بين نهرين؟

إن كنا نحرر خبرا؛ فبالتأكيد هو قديم … رحيل الشاعر العُماني زاهر الغافري في الحادي والعشرين من سبتمبر الفائت، لكننا لا نفعل ذلك !

كنتُ ذلك الشاب الصغير عندما التقيته أول مرة، يملأ صدري فخرٌ حين أسمعه يناديني: يا سَمِيّي … إنها صدمة الفقد، فقد شاعر كبير وَشَم الحداثة العربية بأبجديته الشعرية، وعَلّم ماهية أن نذهب في الشعر إلى أقصاه. صدمة الفقد رغم أنه عَوّدنا على حياة صميمها تِرحال، قلبه المحطة شاسعة البهاء جَمَعت الفرقاء.

يا ابن الوديان مزجتَ دَمَ العصفور بلعاب البحر تحت العاصفة … وما زلتَ: «تمشي على حافة العالم/ لتصل إلى الوديان التي أضعتها/ في طريقك تشع الحجارة/ كذهب الذكرى/ الرحلة طويلة للغاية/ الريح تتبع تلويحة اليد/ واليأس يضيء/ عينيك الحالمتين/ بالنجوم».

كيفما نكتب عنك ولك، هل نصل؟

قصيدة «غريب بين نهرين» لـ زاهر الغافري

1
على مَهلِكَ أيها الملاك
هنا الأرضُ رطبةٌ والهواءُ يتعذبُ
في الرئتين.
 
2
في كُلّ خطوةٍ يرمي حبيسُ المدن
صرخةً بين الأرصفة،
أحياناً هي حياةٌ كاملةٌ تقاسُ بإشارةٍ واحدةٍ
من زهرة الحقل. وأحياناً هي الظِلُّ الذي يصلُ 
إلى السلالم الكبيرة ويتكسّرُ مثلَ
أصواتِ هؤلاء القتلى.
حقاً؛ لقد مزجنا دَمَ العصفور بلعاب البحر
تحت العاصفة..
مزجنا الغبار بلونِ الخوف
في وجوهٍ معتمةٍ كالليل.
 

لنْ تكونَ المرأةُ الشابّةُ غيرَ
حُلمٍ عابرٍ في نسيم الصيف.
لن تكونَ الصخرةُ منسيةً في الوادي السعيد.
الأسى وحده ينمو على ضفاف الأنهار
في ضوء قنديل.
 
لن يقولَ أحدٌ سيقفزُ قمرٌ تحت النافذة
وأنت تعبر بلاداً بين نهرين. سيقفزُ
الأموات والأحياء من بطون الملائكة. ربما لن
يقول أحدٌ سيظهرُ السّمندلُ على عتبة الباب كطائر هولندي..
أو ستنبتُ وردةٌ في مرآة البحرِ لكي يكون الجرحُ
هذه المرة مَمَراً سرِّياً للطبائع.


4
الموتُ زهرةٌ في حديقة
الموتُ إطلالةٌ من زائر غريب
الموتُ أكثر مما ينبغي – ستقول لك تلك التلال.
لذلك لنْ تعودَ إلاّ تائهاً أو منفياً
كأنكَ لم تكن طفلاً تحت تلكَ الشجرة.
كأنكَ كبرتَ في غفلةٍ وحملتَ على ظهركَ
بقايا متحف العائلة.
 
5
ها أنت الآن تمشي بين الأرصفة، بين
أزهار الحديقة، تمشي وأنت تصرخُ لتسمع
كيف تتكلمُ الأحجار.
الوشمُ والخرزةُ الزرقاء وشارةُ الموت
علاماتٌ في الطريق.
عينكَ المفتوحة هذه الليلة سرِّيةٌ
مثل فم خاتمٍ مملوءٍ بالهواء.


 ***

خاص قنّاص – جذمور الشعر

المحرر المسؤول: زاهر السالمي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى