هاتف جنابي؛ شاعر وكاتب ومترجم للأدب البولندي إلى العربية والعربية إلى البولندية، حاز على جائزة ترانساتلانتيك (Transatlantyk) في دورتها التاسعة عشرة، تقديراً لإنجازاته البارزة في نشر وترويج الأدب البولندي والثقافة البولندية. قدمت الجائزة مساء الجمعة (16-06-2023) خلال حفل رسمي مهيب أقيم في متحف (مانغا) للفنون والتكنولوجيا اليابانية في مدينة كراكوف، بحضور متميز من كتاب وإعلاميين وأكاديميين ومسؤولين حكوميين. وجائزة ترانس-أتلانتيك أهم وأرفع جائزة حكومية بولندية في الترجمة. ابتدأ السيد (مارك زايونتس) الأمسية مرحبا بالحضور من حكوميين وشخصيات، ثم رحب بأعضاء لجنة الجائزة المكونة من نقاد وكتاب ومترجمين وعددهم سبعة برئاسة مدير معهد الكتاب البولندي. بعدها قرأ عريف الحفل قصيدة شعرية لهاتف جنابي بعنوان: “الكتابة باللغة البولندية“، ثم أعطى الكلمة لمدير معهد الكتاب السيد داريوش يافورسكي الذي تحدث عن الجائزة وكشف عن اسم الفائز بها في هذه الدورة (19)، وقرر أعضاء اللجنة بالإجماع منحها للشاعر الكاتب والمترجم هاتف جنابي، على الرغم من طول قائمة المتنافسين من مختلف البلدان. بعد ذلك قرأ مدير المعهد رسالة وزير الثقافة ونائب رئيس مجلس الوزراء البروفسور بيوتر غلينسكي الذي لم يتمكن من الحضور. وكانت هناك كلمات لكل من الفائز بالجائزة، والبروفسور مارك جيكان، والبروفسورة بربارا ميخالاك بيكولسكا، والدكتور جورج يعقوب، والأستاذ زياد رؤوف ممثل حكومة إقليم كردستان العراق الذي أشاد بدور المحتفى به في تجسير الهوة بين الثقافات وقدمه على أنه صديق للشعب الكردي وله حضور بارز على الساحتين البولندية والعربية وحتى العالمية وبأنه يستحق الجائزة وهو فخور بذلك.
أما جائزة Transatlantyk فهي جائزة سنوية حكومية وتعد أهم جائزة في حقلها يمنحها معهد الكتاب البولندي لكاتب ومترجم بارز للأدب البولندي في الخارج. تأسست سنة 2005 هدفها هو تكريم الشخص الذي لديه إنجازات استثنائية في مجال التعريف بأهم منجزات الأدب البولندي في جميع أنحاء العالم. يمكن أن يكون الفائزون بجائزة Transatlantyk مترجمين وناشرين ونقادًا ورسامي رسوم متحركة للحياة الثقافية. منحت سابقا إلى مترجمين وكتاب من ثماني عشر دولة مثل ألمانيا والسويد وأميركا وبريطانيا وروسيا وفرنسا واليابان والصين والمجر وتشيكيا وإسبانيا وإيطاليا.
قال المستعرب البروفسور مارك جيكان، رئيس قسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في جامعة وودج، في كلمته الرئيسة: إن “جائزة Transatlantyk هي تمييز مهم للغاية يستحقه هاتف جنابي أكثر من أي شخص آخر”. وأكد قائلا: “أنا فخور وسعيد بأن نشاطه الشامل في الترويج للأدب والثقافة البولندية في العالم العربي قد حظي بتقدير من قبل معهد الكتاب”.
وفي إشارة إلى قصيدة “الطريق الملكي” لعام 2018، أشار الأستاذ جيكان إلى أن “شعر هاتف ينزل هنا على أنه رؤيا بالدرجة الأولى، إذا لم نقل إنه بصيرة رؤيوية”. إنها “رؤيا حكيمة لمتنبئ عربي قديم ومعاصر لوارسو من أصول أجنبية. يمكنك أن ترى التزام الشاعر بما يعطينا هذا اليوم الصعب والمؤلم. تم ترويض بولندا ووارسو بالفعل من قبل هاتف، لكنه لا يزال ينظر إليهما بعيون شخص جاء إلى هنا من مكان ما. لقد اختبر جميع الرؤى والأحداث، وأجرى مراجعات، وقام بمعالجتها بطريقته الخاصة، وبهذا فهو يظهر للعالم عملاً ذا قيم جمالية ومعرفية غير عادية “.
كما أشار، إلى إن “إنتاج هاتف جنابي الأدبي الشامل يتضمن الآن عدة عناصر، بما في ذلك مجلداته الشعرية الخاصة وترجماته من الأدب البولندي، وخاصة الشعرية منها، ودراسة عن المسرح العربي، بالإضافة إلى ذلك، فقد ألّف عشرات النصوص والدراسات عن الأدب والثقافة البولندية والعربية المعاصرة، نُشرت في أعمال جماعية، وكذلك في مجلات مطبوعة وأخرى إلكترونية، استهدفت في الغالب القارئ باللغة العربية”.
و”هاتف مترجم بارع وعظيم للشعر البولندي إلى اللغة العربية. ترجم لكثيرين من بينهم: ميتسكيفيتش، سووفاتسي، فيسوافا شيمبورسكا، فيسواف ميووش، تادؤوش روزيفيتش، هربرت، فيسواف مشليفسكي، أولغا توكارتشوك، ستانيسواف لَمْ، زاغايفسكي وآخرين. وأشار مؤلف الإشادة التعريفية إلى أن الأنطولوجيا الشعرية الضخمة المكونة من أكثر من 900 صفحة “خمسة قرون من الشعر البولندي من كوهانوفسكي حتى 2020″، والتي نُشرت في عام 2021، تستحق اهتمامًا خاصًا، والتي تضم (65) شاعرة وشاعراً، معظمهم من القرنين العشرين والحادي والعشرين”. وفي كلمتها قالت المستعربة البروفسورة بربارا ميخالاك-بيكولسكا “أنا أعرف هاتف منذ سنوات عديدة وله نشاط إبداعي متعدد الأوجه ودور كبير في نشر الأدب والثقافة البولندية في العالم العربي، وبفضله تعزز صوتي في البلدان العربية، خاصة بعد ترجمته أطروحتي عن (الكاتبة ليلى العثمان) ونشرها في دار المدى. إنه يستحق هذه الجائزة والتكريم وأكثر ونحن فخورون به”.
بعض ما ورد في تعريف معهد الكتاب بالفائز:
الدكتور هاتف جنابي شاعر وكاتب، وناقد ومقالي ومترجم للأدب البولندي إلى العربية والعربية إلى البولندية. خريج جامعة بغداد قسم الأدب العربي، حصل على درجة الماجستير والدكتوراه في جامعة وارسو وعمل فيها أستاذا محاضرًا لسنوات عديدة، كما كان أستاذا مساعدا في جامعة تيزي-وزو في الجزائر (1985-1988)، وأستاذا زائرا في جامعة إنديانا في بلومنغتن الأميركية (1993/1994). له 20 مجلدا شعريا مكتوبا باللغتين العربية والبولندية، مترجم إلى عدة لغات، منها الإنجليزية والفرنسية والإسبانية والروسية والصينية والتشيكية والسلوفاكية والصربية والفارسية واليونانية والكردية. يحظى شعره باهتمام متزايد، نشر عشرات الترجمات والدراسات النقدية والقصص، والترجمات لأعمال أهم الشعراء والكتاب البولنديين عبر خمسة قرون. وهو عضو في جمعيات علمية وإبداعية عربية، بولندية وأجنبية. حصل على أنشطته الإبداعية على جوائز مرموقة في داخل بولندا وخارجها. تتألف الجائزة من جانبين: دبلوم وتمثال استثنائي من إنجاز الفنان البولندي المعروف ووكاش كيلفرلينغ، وآخر مادي. نقلا عن (PAP- وكالة الصحافة البولندية).
أحيط منح الجائزة بتغطية إعلامية واضحة من راديو وصحافة وتلفزيون، رافقتها حوارات مع الفائز مقتبسين من كلمة الفائز عبارات ذات أهمية من قبيل:
“لولا الضوء البولندي في داخلي لما واصلت مسيرتي كمترجم للأدب البولندي حتى الآن”. و “لا مفر سوى الانفتاح على لغة عظيمة هي اللغة العربية التي تعتبر الخامسة في العالم من حيث عدد الناطقين بها”، و “إن الترجمة تشكل منذ سنوات جزءا من حياتي الأدبية والفكرية”… كان مسك الختام حفلة غنائية أنشد فيها الفنان البولندي المعروف بمعية فرقته الموسيقية أغاني ومن بينها فاجأ الحاضرين بأغنية قصيدة من شعر المحتفى به.
منحت الجائزة في هذه السنة ولأول مرة في تاريخها لكاتب من أصل عربي، وبهذا المنظار فهي جائزة للغة والأدب العربي واعتراف بأهميتهما. إن منح هذه الجائزة لشاعر وكاتب ومترجم عربي لأول مرة يعتبر نصرا للثقافة العربية واعترافا ليس بدور الفائز بها فحسب، بل بحتمية الانفتاح على الإبداع العربي والثقافة العربية برمتها وما يكتب بها.