قصائد للإيراني بیجن جلالي: صوت قدميك جالس على قلبي
بیجن جلالي شاعر وكاتب إيراني ولد في طهران (1927-2000). درس الفيزياء في جامعة طهران ثم استمر في دراسة العلوم الطبيعية في فرنسا. بعد رجوعه إلى إيران درس الأدب الفرنسي في جامعة طهران. من مؤلفاته: الأيام/ قلبنا والعالم/ قصائد التراب قصائد الشمس/ خريطة الكون.
كان بیجن جلالي واحدًا من الشخصيات المعروفة في شعر إيران المعاصر، واجه بشكل خاص بعد وفاته استقبالًا من جيل جديد من القراء الأدبيين الذين أحبوا بساطة تعبيره وحزنه الشعري. ترتكز نصوصه قصيرة الجملة على الحوار والتكثيف الصوري مع صفاء الرؤية، والابتعاد عن التعقيدات اللغوية، وبذلك يتلون نص بیجن جلالي بالوضوح والعمق، مما فتح مساراً جديداً في الشعر الإيراني المعاصر، وجعل منه الشاعر الأكثر تأملية في الشعرية الإيرانية المعاصرة.
ستلاحظ أيها القارئ العزيز أن قصائد بیجن جلالي بسيطة وموجزة، معتمدا المقاطع كأسلوب شعري، والتي يتركها بلا عنوان، فاتحا بوابة التأويل على مصراعيه.
(1)
أنت لا تذکرین صوت قدمیك
لانه دائماً یرافقك
لکني أتذکره
لأنك لست معي
وصوت قدميك جالس على قلبي
(2)
إذا سأل أحد عني،
أخبروه أني ذهبت لإشاهد المطر
وإذا أصر،
أخبروه أني قد ذهبت لإشاهد الإعصار
وإذا ألح
أخبروه أني قد ذهبت بلا رجوع
(3)
مستاء من لا شيء
ومستاء من کل شيء
عَلَت وجهه جروحٌ
وکأنه یبتسم
لکنه کان یبکي بينه وبين نفسه
وکان یبکي علی ابتسامته
(4)
إنّ جَسَدي وجسدك
یلجأ كلٌ منهما للآخَر
ویخرجان
من وَحدتيهما
لیغوصا في وَحدة أخری
(5)
أکتبُ إلی الورقة البیضاء
فما أكثر وَحدتها
وما أوسع حزنها
أكتبُ إلى وحدتها
حین لا حروفَ عليها
وتخلو من الأصوات
(6)
يريد الناس أن يصنعوا الحیاة
وینسون أنهم مِن صُنع الحیاة
(7)
متناثر أنا في الکلمات
کبذور القمح
التي نثروها في التراب بعدما حرثوه
(8)
أنا وأنت مختبئان
خلفَ بضع کلمات
وسیجد أحدُنا الآخَرَ مرة أخری
خلفَ نظرة أو ابتسامة
تَهمس باسمینا
خلفَ بضع کلمات
وسیتحدثون عنا
دون أن یعلموا بذلك
وسیتذکروننا
دون أن نعلم بذلك
(9)
كنت منحنياً فوق البحر
كان البحر لیلاً
وكانت بعض النجوم تلمع في قاع البحر
رأیت رعداً،
كانَ ابتسامتك
والسواد کان یَخیطُ الأمواج بعضها ببعض.
(10)
أصبح حبّنُا تغریدةً
في فم طائر
وذهب بعيداً
وضاع بین أوراق الشجر وأغصانها
(11)
نذهب إلی الموت لوحدنا ثم ندرك أننا كنّا نتجه نحو الحياة لوحدنا أيضاً.
(12)
کل حزني من الموت هو أني لن أستطیع أن أشم رائحة التراب الطیبة من تحت التراب.
(13)
لا توجد أي رسالة، ولم تکن هناك بالأمس ولا تکون الیوم وسيزيف لا یزال یحمل الصخرة نحو قمة الجبل، والصخرة لا تزال تستمر في السقوط، ولن تكون هناك أي رسالة سوى الانتظار. سوى رسالة الانتظار.
(14)
لن ننسی الأحزان فقط
إنما سننسی أنفسنا أیضاً
وسنعود لکوننا منسيین مع کل شئ
(15)
بفضل الشعر
سیکون لدینا أجنحة
وسنطیر
ولکن علی أي غصن سنحط
نحن الذین لم ننتهی من غنائنا بعد..
(16)
لماذا تبکي الأنهار هکذا؟
وللوصول لمن تجری بهذه السرعة؟
(17)
إنها القیامة
لکني لا أجد روحي
وجسدي المتعب
یتلاشی مرة أخری
(18)
إزدهر جسدك کالسنبلة في یدي
نمي جسدك کالنبتة
وتفتح وتوهج
ثم اکتئب وأظلم
وها هي زهور الغروب الآن، في ذکراك معطرة صامتة.
(19)
ستأتین ذات یوم
یوم لا أمل لي فیه بلقائك
ستأخذین ید ظلي
ظل صامت،
ظل لا یحتاج إلی أي شمس
وسنرحل معاً
یوم یصبح العالم طریقاً شاسعاً لا یؤدي إلی أي مکان…
(20)
ضحکتك، کانت کفراشة
تنبثق من زهرة ملامحك
وتحط علی نافذة قلبي
ضحکتك، کان لها أجنحة ملونة
وطیران هادئ
وأنا لازلت أسمع رفیف جناحیها، وهي تقترب نحوي.
***
آمال أریحي، طالبة بکلریوس أدب إنجلیزي، شاعرة ومترجمة.